من بعيد

حارب والسركال

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحراك الرياضي يبدو واضحاً هذه الأيام فى ساحة رياضة الإمارات تمهيداً لانتخابات الاتحادات خلال أسابيع ، فقد تحركت الدنيا وبدأ بعض المرشحين في طرح افكارهم وأحلامهم لتطوير الممارسة الرياضية ليس فنياً فحسب ، بل إدارياً وقانونياً وتسويقياً، وهم يدركون تمام الإدراك ان الرياضة لم تعد كما كان سالفاً مجرد ملعب ولاعبين وحكام ، بل اصبحت صناعة معقدة لها شروطها الصارمة من خلال نظم تعترف فقط بمن يحترف العمل فيها والتعامل مع جوانبها المختلفة.

وكالعادة تجتذب انتخابات اتحاد الكرة الانظار بعد إعلان الرياضي الكبير عبد الله حارب خوض السباق على منصب الرئاسة منافساً ليوسف السركال الرئيس الأسبق والحالي، وكلاهما قيمة لها مغزاها ولعبا ادواراً يذكرها تاريخ الحركة الرياضية جيداً، واعترف انني فوجئت بقرار عبد الله حارب وكنت علمت به خلال زيارتي قبل شهرين ، فقد ابتعد طويلاً عن العمل الرياضي العام تاركاً خلفه رصيد لا يستهان به من النجاحات التى حققها مع نادي الوصل مع أشقائه وابناء أسرته، لكن بصمات حارب في مسيرة اتحاد كرة القدم هي الأبرز، ولست أنسى انه صاحب فكرة شعار اتحاد كرة القدم الذي يحمل رقم سبعة رمزاً ذكياً لإمارات الدولة، وكنت شاهداً على ميلاد فكرة الشعار في المقر القديم للاتحاد قبالة المستشفى الكويتي بدبي قبل 33 عاماً.

ولعب عبد الله دوراً إدارياً لاينكره أحد خلال مرحلة التأسيس العصري لكيان الاتحاد أوائل الثمانينات. وكنت معه في رحلات صعبة مع منتخب الإمارات واتذكر مبادرته الفريدة بتقديم اللاعبين باقات ورود الى الجمهور السعودي قبل مباراة مع المنتخب السعودي في جدة بالتصفيات الآسيوية، ليخفف من حدة التعصب ضد المنتخب وكانت فكرة جديدة بمقاييس ذلك الزمن ، وفور اعلانه خوض السباق شاهدته في حوار بدبي الرياضية، طارحاً برنامجاً يبدو طموحاً للغاية واثقاً من قدراته وخبراته السابقة ، وفي ظني انه يحتاج الى جهد كبير في جولاته وزياراته لشرح أفكاره، وتوسيع دائرة اتصالاته لتشمل القمة والقاعدة الرياضية ، وهو بالتأكيد يدرك اهمية الإعلام والصحافة كوسيلة يطرح من خلالها نفسه عائداً الى ميدان كرة القدم من اوسع أبوابه بعد غياب طويل، لكنه بالتأكيد يعرف ان الجيل الحالي في الأندية لا يقرؤون التاريخ أحياناً.

أما يوسف السركال المنافس الأقوى ، فيملك دافعاً كبيراً للجلوس على مقعد الرئيس بأصوات الناخبين وليس بالتعيين والفارق بينهما كبير في عصر الحراك الذي نعيشه ، والسركال عينه على رئاسة الاتحاد الإماراتي وايضاً الآسيوي ، لكنه ذكي ويعلم ان المنصب الأخير تعترضه عقبات إقليمية ونفسية تقلل من حظوظه نسبياً، لكن يحسب له رغبته فى خوض السباق الآسيوي حتى النهاية ، والسركال الذي عرفته أميناً للسر بنادي الشباب ، قفز الى الرئاسة ومنها الى اتحاد الكرة عام 1989 وتدرج فى المناصب والمهام مستفيداً بشكل كبير إدارياً، ونجح فى صناعة شبكة قوية من العلاقات المتينة مع الاتحاد الدولي، ووصل الى لجنة بطولة كأس الشباب .

كما كان واحداً من اعضاء لجان التفتيش على الدول التى تسعى لاستضافة مونديال 2002 و2006. السركال خارجياً يبدو مقبولاً رغم سقوط محمد بن همام أحد الداعمين له ، لكن السركال يحتاج الى الكثير داخلياً لأقناع الاندية ببرنامج واقعي يقبله الجميع.

نتيجة السباق ليست الهدف لكن في ظني ان الممارسة الديمقراطية الرياضية هى الهدف الحقيقي طالما ابتعدت المجالس الرياضية عن التأثير على قناعات الأندية ، وتبقى الكلمة الفاصلة في صندوق التصويت والمفاضلة بين قامتين رياضيتين لهما مكانتهما ولكن الفوارق بينهما تبدو لنا واسعة.

Email