رصاصة الرحمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يزداد القلق يوماً بعد يوم بسبب عدم وضوح الرؤية إزاء استئناف النشاط الرياضي المصري بعد ان تجاوز التوقف ثلاثة أسابيع ولا تلوح فى الأفق اي بوادر ايجابية في عودة النبض للقلب الرياضي وتغيب المؤشرات عن استعادة الانفاس الى الملاعب.

وأكاد أزعم ان رصاصة الرحمة قد انطلقت لتقتل أي أمل فى عودة دوري كرة القدم بعد تحديد يوم 2 يونيو لإصدار الاحكام القضائية فى محاكمة الرئيس السابق وقيادات الأمن، وهو ما يعني استنفارا أمنيا قبل وبعد ذلك اليوم الذي يتوقع الجميع ان يصبح بداية لمرحلة صعبة تقتضي التركيز على أمن البلاد ، وفى ظني ان الشهر السادس من العام الحالي سيكون الأكثر سخونة لتزامنه مع الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد، وانتخابات الرئاسة بكل ما فيها من تناقضات ورفض متوقع بل ومؤكد لنتائجها مسبقا، كيف يقام الدوري فى ظل هذه التحديات؟

وتبقى الإشكاليات القانونية بالغة الصعوبة داخل الأندية، لوجود التزامات تعاقدية قيمتها بعشرات الملايين مع اللاعبين والمدربين، ومع تقلص بل توقف الموارد المالية مع توقف النشاط الكروي نجد اننا في مأزق يبدو معقدا ، ولا تقتصر المشاكل على هؤلاء فقط ، بل تشمل العاملين في الأندية من حارس الابواب الى عمال النظافة ، كلهم بالقطع سيتأثرون سلبا ، وقد سمعت من بعض العاملين في ناد كبير ذي شعبية الكثير من المواجع ، فالحياة باتت مهددة والخزائن فارغة وكل ما يدخلها يتحول الى اللاعبين والمتعاقدين ، وتبدو المصيبة أكبر كلما استمر توقف الدوري الذي يفتح الابواب لأموال حقوق الرعاية والتسويق والبث الفضائي وغيرها من الموارد.

وكعادته النادي الاهلي رغم انه الاكثر ثراء واستقرارا ، استشعر الوضع الخطير فبدأ سرا في دراسة الاوضاع القانونية للعقود التي ابرمها خلال اوقات الرخاء ، وتكبده اموالا باهظة ، وعلى رأسها عقد المدرب البرتغالي مانويل جوزيه والذي يقترب من رقم المليون جنيه شهريا، اضافة الى زملائه في الجهاز الفني ، وفي تصوري ان ما يحدث للرياضة المصرية اقرب الى الظرف القاهر ولا يقل خطورة عن وقوع زلزال مدمر ، وهو ما يعطي الاندية حق طرح التفاوض من جديد مع لاعبيها ومدربيها لتقليص القيمة على ضوء الاوضاع السيئة السائدة وتوقف الحياة في الملاعب.

هناك من يتصور امكانية استئناف الدوري المصري ، لكن الواقع يتعارض تماما ، فلا يوجد اتحاد لكرة القدم في ظل استقالة مجلس الادارة وغياب الشرعية ، ولا يخفى على الجميع ان حالة الانفلات الجماهيري والقصور الأمني تحول دون اجراء مباريات تنافسية وسط دوافع الكراهية والانتقام ، وظهور اتجاه لاستبعاد مدينة بورسعيد ، ولذلك فإن استئناف الدوري صعب مادمنا ننتظر شهر يونيو المحفوف بالمخاطر.

رصاصة الرحمة قد تكون قاتلة لكنها وسيلة لتقليل المخاطر، ويبقى المأزق القانوني للأندية في صعوبة الاستجابة لتسديد حقوق الآخرين، والقضية لم تعد قانونية بل إنسانية وتحتاج الى تنازلات كبيرة من كل الاطراف حتى يعود الدوري وتعود مصر سالمة من محنتها.
   

Email