من بعيد

قضية أبوتريكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتبارى الجميع فى المزايدة والأصوات العالية فى قضية ضحايا حادث استاد بورسعيد والتباهي بمساندة عائلاتهم ورفع اللافتات الصارخة والظهور الاعلامي المفتعل بعيون دامعة دفاعاً عن الشباب الذين فقدناهم خلال دقائق في مشهد تفجرت خلالها مشاعر العدوانية والكراهية وروح الانتقام بل وإزهاق الارواح بأيدٍ باردة وهي المشاعر السائدة للأسف الشديد ونعيشها بكل أسى وقلق وهلع.

ويبقى اللاعب الرياضي محمد أبوتريكة صورة فريدة في التعامل مع هذا الحادث المؤلم ، لم يخض في حوارات اعلامية مطولة عن تفاصيل المشاهد المروعة التي عاشها بنفسه، ولم ينشغل بمسيرات يغلب عليها المظهر الدعائي اكثر من كونها وسيلة حقيقية ومعبرة عن مساندة هؤلاء الضحايا الابرياء واغلبهم من الطلبة الفقراء، ولم ينخرط في حملات تبرع شكلية بل ابتعد كثيراً عن الصخب وقرر القيام بزيارات الى عائلات المشجعين الضحايا دون إعلان او اشارة لأي جهة اعلامية ، وتوجه الى منازلهم سواء في القاهرة أو أي قرية خارجها مهما كانت مشقة السفر.

في صمت تام وبعيداً عن التصريحات الرنانة الصاخبة قام ابوتريكة بما يمليه عليه تعاليم دينه وكذلك بما يرضي ضميره، لتعويض الغلابة المكلومين دون ان يعلم أحد ودون ان يوحي بقيمة ما يقدمه، وفي ظني انه يفعل ذلك تطبيقا لمبدأ التكافل والمساندة الانسانية والهدف اضفاء بعض الامل لدى هؤلاء البائسين، وحرص الانسان محمد ابوتريكة على كتمان جولته وعدم الكشف عن تفاصيلها مصطحبا بعض أهل الثقة ارضاء لله سبحانه وتعالى.

هناك من استغل الحادث في الظهور الاعلامي الفاضح والإدلاء بتصريحات كاذبة عن حزنه العميق ورغبته في الاعتزال أو التبرع الوهمي ، لكن ابوتريكة كان مختلفا تماما ومن خلال تعارفي اليه فى رحلات رياضية قليلة أكاد أزعم انه رياضي مؤمن بصدق دون رياء لم تفسده الشهرة والاضواء ، يحرص على العزلة وانتقاء الالفاظ دونما افتعال ولن أنسى كلماته المؤثرة جدا خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لبعثة منتخب مصر عقب ساعات من الحصول على كأس افريقيا 2008، والتي انتزعت الاعجاب وذرفت الدموع من عيون الحاضرين.

أبوتريكة سألوه عن الدوري فقال : لا يشغلني ذلك ولكن قضيتي الحقيقية هي الشهداء والضحايا ، ويحاول البعض اختلاق الاكاذيب والترويج بما يسيء للعلاقة بين ابوتريكة والآخرين واستغلال صمته وانشغاله في جولات الخير، فنقرأ كل ما يسيء له لكنه لا يرد ولا يشغل نفسه بالتفاهات والسقطات، إنه رياضي ذو خلق رفيع يعمل لإسعاد من حوله بارك الله فيك يا أبوتريكة الانسان.

Email