مبادرة للتدوير وصولاً إلى «صفر نفايات»

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هل تتخيّل نفسك محملاً بالأكياس القماشية والحاويات من كل الأحجام ومتوجهاً إلى السوبرماركت لشراء حاجياتك؟

هل رفضت يوماً القش البلاستيكي لاحتساء عصيرك أو رفضت المياه في الزجاجات البلاستيكية؟

هل تدرك حجم النفايات التي تنتجها يومياً في منزلك؟

لا شك أن معظمنا لا يطرح تلك الأسئلة ويواصل حياةً مليئة بالمخلفات اليومية خلافاً لدعاء بن حيدة، مؤسسة «مجموعة صفر نفايات» في دبي، التي قررت، نهاية عام 2017، أن تغييّر حياتها كليّاً وتطمح لحياة صفر نفايات.

ولادة ابنها كانت الشرارة لهذا التغيير؛ حينها أدركت كميّة البلاستيك المستهلك في بيتها، حيث تخبرنا «أحصيت 200 كيسٍ بلاستيكي تقريباً في منزلي». وهكذا بدأت رحلتها في البحث عن سبل لتقليص النفايات التي تنتجها، وتفاجأت عندما اكتشفت أن الأمر لا يتوقف عند الأكياس أو الزجاجات البلاستيكية لا بل أبعد من ذلك، من تغليف الأغراض إلى خدمة التوصيل إلى المنزل وصولاً إلى فرشاة الأسنان.

سنوات مرّت، ودعاء نجحت في تحقيق حياة صفر نفايات وأطلقت موقعاً إلكترونياً لبيع المنتجات البيئية، وتلفّ الإمارات وتنظّم ورش العمل والنقاشات للترويج لهذا النمط الحياتي. ولكن قبل أن نعرف كيف نجحت بذلك، لربما يجدر بنا التوقف أولاً عند تعريف مبدأ «صفر نفايات».

وهنا تقول دعاء «تقليص نفاياتك كفرد إلى الصفر. ولكن هذا لا يعني أنه يجب عليك الوصول إلى الصفر لأن ذلك قد لا يحدث أبداً». فهي ترى أن الأهم هو تقليص نفاياتك كفرد بقدر المستطاع بهدف تحقيق صفر نفايات. وتشدد «صفر نفايات لا يعني التخلص من البلاستيك فقط لا بل يتوسّع إلى الكثير من المجالات مثل وسائل النقل، والملابس التي نختارها، والحفاضات، ومستحضرات التجميل، والطعام..».

تدرك دعاء أن كل هذه المعلومات قد تكون غامرة لأنها تشدد على أن الأمور تحسّنت في الإمارات خلافاً لما كان عليه الوضع عندما بدأت رحلتها حينما كان مبدأ «صفر نفايات» شبه غائب.

وترى أن ما يُصعّب رحلة الصفر نفايات، وتحديداً في الإمارات العربية المتحدة، هو عملية تحويل النفايات إلى سماد بسبب المناخ الحار صيفاً. وتشرح لنا «كان من الصعب أن أجد سلة المهملات الخاصة والأكثر ملاءمة». وتتابع «خلال الصيف، عملية التسميد شبه مستحيلة. ويجب أن أعترف أنني حتى اليوم لا أتقنها 100%».

أما العامل الآخر، فهو عملية إعادة التدوير التي تتضمّن الكثير من الجهد من المستهلك (على سبيل المثال، غسل الطبق البلاستيكي والتأكد من عدم وجود أي بقع، إضافة إلى أن كل البلاستيك غير صالح لإعادة التدوير). وتسلط دعاء بن حيدة، مؤسسة «مجموعة صفر نفايات» في دبي، الضوء على مشكلة أخرى هي التسويق لمواد صديقة للبيئة، سواء في طلبات التوصيل إلى المنزل أو مستلزمات التنظيف، فيما أنها ليست كذلك. «المنظفات التي تُباع في حاويات بلاستيكية ذات الاستعمال الواحد ليست صديقة للبيئة أبداً»، على حد قول دعاء.

إلا أن الأمور تتطور والناس في الإمارات تحديداً باتوا أكثر إلماماً بمبادئ «صفر نفايات» و«صديقة للبيئة» والاستدامة، حيث تقول دعاء: «قبل سنوات، كنت نقطة صغيرة في المحيط لكنني اليوم سعيدة برؤية أفراد وشركات تهتم أكثر وأكثر بهذا المجال».

وبالفعل، الكثير تغير منذ ثلاث سنوات، حيث عملية تحويل النفايات إلى سماد باتت أسهل بتوفّر شركة دولية تساعد الأفراد على شراء أو توفير السماد العضوي. أما التغيير الأكبر، بالنسبة لدعاء، فهو عدد الشركات المستدامة التي تمّ إطلاقها في مجالات عدة (تقدرها بعشرة) مثل الملابس والمنتجات الصديقة للبيئة. ومع أسلوب الحياة الجديد الذي فرضته جائحة «كورونا»، حيث بات الجميع يمضي وقتاً أكبر في المنزل، عدّدت لنا دعاء لائحة ببعض النصائح للعمل نحو حياة صفر نفايات.

تكمن نصيحتها الأولى في القيام بتدقيق سريع لسلة المهملات في المنزل. قد لا تكون عملية ممتعة، إلا أن فرز النفايات الجافة من الرطبة ستسمح لكم بتحليل قمامتكم بطريقة أسهل. وحينها، تدركون ما هي تلك التي يمكنكم التخلص منها أم لا.

أما النصيحة التالية، فهي تعتمد على مبدأ «الرفض والتقليل وإعادة الاستخدام»، حيث تقول دعاء «يجب أن يكون شعاركم في الحياة والعمل على تحقيق واحد من العمليات الثلاث».

ولا تنسى دعاء أن هذه العملية صعبة جداً وأنه لا بد ألا نقسو كثيراً على أنفسنا، لا بل أن نتحمّل بالوعي والأهم أن نقوم، بقدر المستطاع، بالبحث، سواء عما هو متوفر في الإمارات أو ما يصلح لنمط حياتنا، لأن هذه العملية شخصية جداً وتختلف من شخص إلى آخر. وتقول: «أعرف أشخاصاً نباتيين وهذا أفضل من إعادة التدوير، أو آخرين يهتمون كثيراً بآثار الكاربون التي يخلفونها. فعندما يقومون برحلة من دبي إلى أبو ظبي مثلاً، يتوقفون عن استخدام السيارة ليومَين».

رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. وبالفعل، لتحقيق حياة مستدامة وصديقة للبيئة أو حتى صفر نفايات، يبقى الأهم أن نحاول وأن نكون مدركين وأن نعمل على نشر الوعي، سواء على صعيد الأفراد أو الشركات أو الحكومات.

الإمارات العربية قطعت شوطاً كبيراً في مجال الاستدامة، حيث تريد زيادة النفايات المعالجة ضمن رؤية 2021، إضافة إلى مبادرات أخرى مثل مطارات خالية من البلاستيك بحلول 2021. ولكن، على الصعيد الشخصي، «كل ذلك يعود إلى سلة المهملات في مطبخك»، على حد قول دعاء بن حيدة.

وترى أن الأهم هو أن نستخدم كل ما لدينا في البيت مرة واثنتين وثلاث مرات. فعوضاً عن رمي ملابسك المصنوعة من البوليستر لشراء أخرى مصنوعة من القطن العضوي، استخدمها قدر الإمكان. وتختم بالقول: «ليس نمط «صفر نفايات» مرتبطاً بالكمال. لسوء الحظ، هناك الكثير من الصور المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الأهم يبقى حسن استعمال كل ما تملكه في منزلك».

 

 

 

Email