مغامرة مصرية ضد المخلفات البلاستيكية

في إطار السعي لعيش حياة كريمة، يتطلع المغامر المصري (عمر الجالة) إلى إحداث الفارق، ولفت الأنظار إلى واحدة من أهم مشاكل عصرنا الحالي، ألا وهي التلوث البلاستيكي أكبر المعضلات البيئية في وقتنا!

بسؤاله عن مغامراته المحفوفة بالمخاطر، يقول عمر خالد (المعروف أيضاً باسم عمر الجالة): «أحاول أن أخوض الحياة بطريقة مختلفة.. أنا أريد أن أتخطى تلك الفكرة الشائعة التي تربط بين حاجتنا للمال لنحيا حياة أسعد».

لقد كان عاماً استثنائياً بالنسبة للمغامر المصري (عمر الجالة)، إذ جاب جميع أنحاء جمهورية مصر العربية على مدار 65 يوماً قاطعاً مسافة 6500 كم على دراجاته الهوائية، وبعدها بأشهر ركض عبر محافظاتها مسافة 1500 كيلو متر، في رحلة استغرقت أكثر من شهر تقريباً، حيث كان يقطع مسافات سباقات الماراثون يومياً حاملاً فقط حقيبة ظهر، وكانت هذه الرحلات عبارة عن مغامرات فردية دون أي دعم، فلم ينعم (الجالة) خلالها بهذا الترف الذي يمكن تصوره، إذ أوضح «لقد عملت بجد لمدة 10 سنوات، كنت شخصاً ناجحاً، ولكنني لم أكن سعيداً».

كان للجالة حياة مهنية ناجحة بدخل ثابت، وهو جل ما يسعى إليه معظم من هم في سنه، إلا أنه لم يكن يشعر بالسعادة أو الرضا، وعليه، قرر في أحد الأيام تقديم استقالته، ليتتبع شغفه وحبه للمغامرة.

خلال مغامرات ممارسة ركوب الدراجات الهوائية ورياضة والركض، كان (الجالة) ينام معظم الوقت بالشارع مواجهاً المجهول، والعديد من الظروف القاسية، وعلى الرغم من ذلك، استمتع بكل لحظة فيها، حيث قال «لمست، خلال هذه الرحلات، العديد من لحظات الحقيقة والوضوح» وأضاف «تحمل كل هذا الضغط البدني والعصبي يخلق حالة ذهنية نادراً ما قد يصل إليها أي إنسان».

على الرغم من اختبار قدراته مرات عدة، إلا أن الجالة رفض التراجع، وشرع في مغامرة جديدة في 15 أكتوبر ليحطم العديد من الأرقام القياسية، ليكمل الترايثلون «سباق ثلاثي» بالسباحة في مياه البحر الأحمر من طابا إلى شلاتين على مسافة تفوق 900 كم تستغرق من ثلاثة إلى أربعة أشهر، الأمر الذي يضيف الكثير والكثير إلى مغامراته.

«خلال مغامرة ركوب الدراجات التي خضتها في الصحراء، كنت أعرف قبلها ببضعة كيلو مترات أنني على وشك الاقتراب من قرية مأهولة، وهذا عند رؤيتي للأكياس والزجاجات البلاستيكية الطائرة في كل مكان».

وأردف «وبالركض في أنحاء الجمهورية، اعتدت رؤية البلاستيك ملقى في مياه النيل وتربة الأراضي الزراعية، ما دفعني إلى تحديد الهدف من مغامراتي القادمة»، إذ يقول «أريد أن أسلط الضوء على المخلفات البلاستيكية وأثرها على البيئة».

وكما كان متوقعاً، كان التخطيط لمثل هذه المغامرة بمثابة الكابوس، ولا سيما من حيث توفير الإمداد والتموين اللازم، وعليه، اضطر لتغيير خطته مرات عدة.

في البداية، كان من المقرر أن يكون ثمة مركب شراعية لمتابعته يحصل من خلالها على الدعم اللازم، ولكن تأخر استصدار بعض التصاريح دفعه إلى إلغاء الفكرة، وقرر السباحة بجوار الشاطئ، فقد أوضح «سأستخدم طافية حول خصري مثبت بها الطعام والماء وحقيبة أدوات النوم وبنك طاقة ومتعقباً للأقمار الصناعية وغيره من المؤن اللازمة، ومن المقرر أن أسبح مسافة من 12 إلى 15 كم يومياً ثم الخروج للراحة والأكل».

بالإضافة إلى الجانب المتعلق بتأمين ما يلزم من مؤن ومستلزمات، كان التدريب البدني يفوق كل ما تعرض له الجالة من قبل، وفي تعليقه على ذلك يقول «في البداية، أمضيت شهراً أتدرب على السباحة كل يوم في مدينة دهب، ثم عدت إلى القاهرة للتدريب يومياً بأحد المسابح»، وأضاف «استحق الأمر كل دقيقة من وقتي طوال الأشهر الخمسة الماضية».

ويخوض (الجالة) هذه المغامرة بالتعاون مع مبادرة «لو» التي يقودها المغامران المصريان الشهيران (عمر السمرة) و(أحمد جبر)، ويهدف هذا المشروع إلى توفير بدائل مستدامة للبلاستيك.

وفي هذا الصدد، يقول (الجالة) «سأرسم خريطة خلال هذه الرحلة، أحدد عليها أبرز المواقع على طول ساحل البحر الأحمر الأكثر تضرراً من التلوث، فمن المتوقع أن تساعد هذه الخريطة في تنظيم عمليات تنظيف أكثر شمولاً في تلك المناطق بالتعاون مع مبادرة «لو» بل تعمل على رفع الوعي بالمدن المحيطة حول أضرار البلاستيك واستخداماته».

أما تمويل هذه المغامرة فكان بدوره تحدياً صعباً للغاية، ولكن لم يحل ذلك دون مواصلة (الجالة) مغامرته، فقد أطلق حملة تمويل جماعي آملاً أن تكفي لمساعدته في إنهاء هذه الرحلة المهمة، إذ يقول «أعتقد أنه يمكن من خلال هذه الرحلة أن نخلق تأثيراً كبيراً وننشر الوعي بمشكلة النفايات والمخلفات البلاستيكية، فإذا بدأ ولو عدد قليل من الناس باستخدام قدر أقل من البلاستيك، تخيل مقدار الاختلاف الذي سيحدث من جراء ذلك». وأنهى (الجالة) تصريحاته قائلاً «إذا ما استطعت ولو إحداث هذا التأثير البسيط، سأشعر بسعادة كبيرة».

 

الأكثر مشاركة