مدرسة النجاح

كثيراً ما يقال إن الفشل رغم كلّ خسائره مدرسة تعلمنا الكثير، وهو كذلك، لكن التعلم من تجربة ناجحة أيضاً ممكن، وإن حدث فهو درسٌ بلا خسائر ونجاحٌ آخر.

النجاح مدرسة كبيرة، لم تمتلئ مقاعدها بعد، فقلّما نجد من يتحدث أو يكتب عما تعلمه من نجاحه، بينما يسهب الكثيرون في سرد دروس الفشل الذي أخذهم في نهاية المطاف إلى نجاحهم، ويتوقف السرد عند الاحتفاء بذلك النجاح.

نحن بطبيعتنا في غمرة سعادتنا تتوسع مدارك تفكيرنا، ونصبح أكثر قدرةً على ربط الأفكار وصُنعها.

فتلك اللحظات السعيدة تزودنا بموارد داخليّة تبني معرفتنا وتقوي مهاراتنا وعلاقاتنا، كما تؤكد نظرية (باربارا فريدريكسون) الرائدة في أبحاث المشاعر الإيجابية في علم النفس.

لا شك في أن لحظات الانتصار وبلوغ ما سعيتَ وبذلتَ الكثير لتحقيقه، هي لحظات خصبة لعيش الكثير من تلك المشاعر الإيجابية، وجني ثمارها.

إذا كان الفشل يعلمنا أن كل الطرق السابقة لم تكن صحيحة، فالنجاح يخبرنا أي طريق هو الصحيح، بل وحين ندرس ونحلل ذلك الطريق كما ينبغي، ستكبر فرصتنا لابتكار طرق جديدة أيضاً.

النجاح فرصة جيّدة للتعرف على العوامل الحقيقية التي تأخذنا إليه، والتي تعيننا على تجاوز كل العقبات، بعيداً عن ضبابيّة خطابات تجاوز الفشل.

ومن أهم الدروس التي يمكن أن يقدمها لنا النجاح، استكشاف ما تصنعه طاقاتنا، والتعرف على نقاط قوتنا التي تستحق أن نستثمر فيها، وما يمكن أن ننجز ونحقق من خلالها.

إنه يذكّرنا كلما بلغناه أننا نستطيع، ليزيدنا ثقةً بأنفسنا وقدراتنا، ويزيد من يحيطون بنا معرفةً بإمكانياتنا، بالإضافة إلى ما قد يلحق بذلك من فرص جديدة.

للنجاح كلّ تلك المزايا، ما لم يوقعنا في فخ الثقة الزائدة بالنفس والتوقف عن السعي وراء التطوير والتحسين، أو فخ الاكتفاء بطريق واحد للنجاح والتوقف عن الابتكار.

النجاح يفتح آفاقاً جديدة واسعة، هو بداية لنجاحات أخرى قبل أن يكون محطة وصول، إذا منحنا أنفسنا فرصةً للتوقف عنده والتأمل فيه والتعلّم من تفاصيله.

أعتقد أن من يدرك ذلك هو الشخص الذي لن تجده يتوقف عن الصعود إلى نجاحاتٍ أكبر كل مرة، فهو من كل نجاحٍ يأخذ درساً، لتحقيق آخر.

تعلّم من كل فرصة، ولا تسمح لنشوة نجاحك أن تحرمك دروسه المجانية!