الإنجازات تصنع المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدى تاريخها حظيت كرة القدم الألمانية باحترام معظم عشاق اللعبة في العالم، من جماهير عادية ومن إعلاميين ومراقبين ومحللين، وحدث التوافق التام على إطلاق وصف «الماكينة» عليها، نسبة إلى ما يتمتع به لاعبوها من نشاط وحركة دؤوبة من أول دقيقة وحتى آخر دقيقة في المباريات، ونهم دائم لافتراس الخصوم، ورغم الإنجازات العديدة المسجلة باسم الكرة الألمانية، إلا أن تأهل الألمانيين بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند لنهائي دوري أبطال أوروبا لم يسبق حدوثه في تاريخ هذه المسابقة، وهو الأمر الذي دفع كثيراً من خبراء المال والتسويق إلى التأكيد على أن الدوري الألماني المعروف باسم «البوندسليغا» على أعتاب مرحلة جديدة في مسيرته ومستقبله تفوق كل ما حققه على مدى عمره البالغ 50 عاماً.

بالأمس نشرنا في «البيان الرياضي» تقريراً عن حجم الأرباح والمكاسب المتوقعة للكرة الألمانية في السنوات المقبلة، تأثراً بالنهائي الأوروبي التاريخي، وذهبت توقعات المتخصصين إلى أرقام ومبالغ مالية خيالية تزيد عن ضعف ما حققته حتى الآن، ورغم أن تضاعف المكاسب ليس من التوقعات المحببة، والتي تحظى بالموافقة والتأييد وخاصة من الخبراء، إلا أنهم استثنوا الكرة الألمانية من ذلك نسبة لما تتمتع به من إنتاجية واستقرار وقوة، ويقينهم بأنه من شأن النهائي الأوروبي تضاعف شعبية جميع فرق «البوندسليغا» وليس بايرن ودورتموند فقط، وهو ما سيكون له انعكاسه الإيجابي على عائدات هذه الفرق، وخاصة العائدات التجارية التي لم تزد على 5% فقط من عائدات الدوري الألماني في الموسم الماضي، والتي تجاوزت الملياري يورو.

لا أريد تكرار الأرقام الكبيرة المتوقعة التي نشرناها بالأمس سواء في ما يتعلق بعدد المشاهدين للنهائي الأوروبي أو في ما يتعلق بالمبالغ المالية المتوقعة كعائدات، والتي يمكن لأي شخص الرجوع إليها ومعرفتها عبر شبكة الإنترنت، وإنما أردت فقط الإشارة إليها للتدليل على مدى ما يمكن أن تحققه الإنجازات من صناعة المستقبل للعبة في أي دولة، ولو عدنا للتاريخ سنجد ما حدث من بروز سابق للعبة في الكثير من الدول كان نتيجة لتحقيقها إنجازات، وقد نجح بعضها في الحفاظ على تطوره وشخصيته في اللعبة مثل البرازيل والأرجنتين وإسبانيا، ومنهم من خفت بريقه مثل البرتغال ودول شرق أوروبا والأوروغواي، صحيح أن ألمانيا من دول القمة في اللعبة وسبق لها تحقيق إنجازات عالمية، لكن وصول فريقين منها للنهائي الأوروبي على مستوى الأندية له دلالات أخرى مهمة جداً وسيكون له انعكاسات على قدر هذه الأهمية.

كل هذا وغيره مثل تفكير برشلونة في يورغن كلوب، مدرب دورتموند، كبديل لفيلانوفا في حال عدم اكتمال تعافيه من المرض، أسوقه للتدليل على قيمة الإنجازات ومدى أهمية استثمارها في بناء وصناعة المستقبل، فقد سبق لفرق أنديتنا ومنتخباتنا تحقيق العديد من الإنجازات من قبل، لكننا لم نحسن استثمارها، وأخيراً حصلنا على لقب بطولة الخليج المهمة جداً، وبني ياس مرشح بقوة بإذن الله لإضافة لقب بطولة الأندية لها، وسبق لنا خلال المرحلة القريبة الماضية تحقيق إنجازات أخرى، ولابد وأن نحسن استثمار هذه الإنجازات في رسم ملامح مستقبل كرة القدم في الإمارات، وأن ينشغل اتحاد اللعبة بوضع الاستراتيجية التي يجب عليه وعلى كل المعنيين الالتزام بها وصولاً للهدف.

Email