آسيا اختارت

ت + ت - الحجم الطبيعي

تباينت ردود الأفعال الحزينة لخسارة يوسف السركال في انتخابات رئاسة الاتحاد الآسيوي، الناس احتارت، تزعل على الخسارة أم على الخدعة وعدم الوفاء بالوعود؟، وهم بطبيعة الحال أصحاب حق، فحتى وقت قريب من ليلة الانتخابات كانت كل المؤشرات تشير إلى ما هو عكس ذلك.

وبعد إعلان مجموعة شرق آسيا عن موقفها اختلفت الصورة، وكأن انقلابا حدث في آسيا، ولا اعتقد أن هناك شخصا واحدا من المعنيين أو المتابعين لهذه الانتخابات قد بات ليلته إلا وهو على يقين من انتهاء المشهد الأخير واغلاق الستارة على فوز الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة، هكذا اختارت أكبر قارات العالم الرجل الذي سيقود مسيرة اللعبة الشعبية الأولى فيها وفي العالم خلال أقل من سنتين متبقية على الدورة الانتخابية الحالية.

أعلم أن الألم الذي أصاب البعض شديد، لكن هكذا الانتخابات، هي لعبة خطرة وعلى من يدخلها أن يقبل بشروطها القاسية، نثق في أن يوسف السركال كان حسن النية، حاول واجتهد وسعى إلى طرق كل باب يمكن دعمه ومساندته، لكن لابد وأن نعترف بأن الخصم كان أكثر قوة وأعمق خبرة، وتمكن من وضع حساباته بطريقة أكثر دقة مستفيدا من التجارب السابقة وخاصة السقطات منها.

وهكذا يمكن أن نتعلم من تجاربنا، لقد راهن الأخوان الشيخ أحمد والشيخ طلال الفهد هذه المرة على الفرس الرابح، ونجحا في وضع الاستراتيجية التي تعينه على التفوق، البعض يرى أو يدعي بأنه لولا الأخوان ما نجح سلمان، ولكن في ذلك ظلم بين للرئيس الجديد، لأنه صاحب رصيد من الخبرات السابقة والتي من دونها ما استطاعت أي قوى فرضه على قمة آسيا ومن المرحلة الأولى.

وأرى هناك من بدأ في سن سكاكينه للهجوم على يوسف السركال وتحميله مسؤولية هذه الخسارة، وهذا خطأ كبير، فيوسف خدع قبلنا والمرارة التي يشعر بها أكثر بكثير مما نشعر، ومحاولته الظهور متماسكا وتقبل المشهد من المؤكد أنها ضاعفت الضغوط النفسية عليه.

لذلك فهو في حاجة الآن إلى من يربت على ظهره ويخفف من المه وحزنه والتعامل بواقعية مع هذه التجربة الصعبة، التي من المؤكد أيضا أنها أضافت إليه الكثير من الخبرات واكسبته قدرات على فهم البشر أكثر من السابق، وبعد ذلك يمكن أن تفتح الملفات ليس بهدف المحاسبة.

وإنما رغبة في تحديد نقاط الضعف والقوة، حتى نضاعف الإيجابيات ولا تتكرر الأخطاء في التجارب القادمة، يوسف السركال في حاجة اكثر منا إلى دراسة هذا الملف للتعلم والاستفادة منه، ونحن أيضا لدينا ما يمكن أن نضيفه ونفيد به، من منطلق المصلحة الواحدة.

الحقيقة أن تجربة الانتخابات الرئاسية في أكبر اتحادات الكرة الأرضية، كانت غزيرة بالأحداث والمتناقضات والدروس التي تتطلب الكثير من الوقفات، ما طرحته اليوم مجرد مشاركة وجدانية ومحاولة لتوصيف المشهد الذي تابعه كل منا بكل جوارحه، وستكون لنا وقفات أخرى لاحقة، كل ما نتمناه أن تكون هذه الانتخابات بداية لمرحلة جديدة أكثر تطورا للكرة الآسيوية.

وليس طريقا للعودة للخلف، فما تعانيه اللعبة في القارة حاليا يحتاج إلى برامج وخطط واستراتيجيات جديدة ومختلفة، وعموما إذا كانت آسيا قد اختارت سلمان بن إبراهيم رئيسا، فإنها لم تفقد يوسف السركال الذي سيواصل طريقه نائبا، وطالما خضنا طريق الانتخابات علينا قبول نتيجة الصندوق.

Email