الانضباط ومستقبل القرارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

المتابع لشكل العلاقة بين الأندية المحترفة ولجنة الانضباط، يشعر وكأنها صراع بين غريمين، فالأمر يبدو وكأن الهم الأكبر للجنة هو كيفية إلحاق الضرر والأذى بالأندية، وعلى الجانب الآخر العبء الأثقل على الأندية هو كيفية مواجهة ما يصدر عنها من قرارات والتخلص من تبعاتها.

 هذه الصورة أقل ما يمكن أن توصف بها أنها محزنة، فرغم يقيني من أن كل ما يهم اللجنة هو إرساء العدالة بين الجميع بمعاقبة وتقويم سلوك المخطئين، إلا انه لا يمكن الجزم بأن المشاعر بهذا التجرد وهذه الشفافية وإلا ما وصل مثل هذا الإحساس للأندية، ولو أخذنا أحداث مباراة الأهلي والعين الأخيرة، وإصابة رأس محمد الجلاف بشاحن الهاتف، والظروف والملابسات الغريبة وتشابك العلاقات بين مختلف الأطراف، وما نتج عنها من قرارات حتى الآن، لظهر جلياً أمامنا حقيقة ما ذكرت.

بداية أحيي موقف العين وحرصه على ألا يظهر كطرف في هذه المشكلة بأي شكل من الأشكال، على الرغم من أنه كان أكبر المستفيدين من قرار لجنة الانضباط باعتبار الأهلي خاسراً، وأؤمن في الوقت ذاته بأن العين ما كان بانتظار هذه النقاط لضمان التتويج بطلاً والحصول على اللقب، الذي يجعله أول فريق ينال بطولة المحترفين للموسم الثاني على التوالي، لأن العين ضامن للقب الحادي عشر، لكنها مسألة وقت مع بقاء طابع الإثارة في المباريات أطول زمن ممكن، وطالما هذا هو واقع الحال الذي لا يخفى على لجنة الانضباط فلماذا الاستعجال في إصدار القرار طالما أن القضية مازالت قائمة وهناك أحداث أخرى متعلقة بها لم تحل؟

ألا يعني ذلك إحاطة قرارها بالشك دون داع؟ لماذا وضعت نفسها في موقف جعلها وكأنها ضد صالح الأهلي؟ وإذا كان للأهلي حق الآن هل ستعدل قرارها أم ستكابر وتتمسك به ومن ثم يضطر الأهلي إلى اللجوء للجنة الاستئناف بحثاً عنه حقوقه؟

أعلم أن لجنة الانضباط حريصة على الفصل السريع في كل ما يعرض عليها من تقارير وملفات، لطبيعة المسابقة وتوالي المباريات، وبالتالي أهمية عدم تداخل المصالح، ويقينها في الوقت ذاته بوجود درجة أخرى للتقاضي، وهي الاستئناف، التي يمكن اللجوء إليها في حال الإحساس بالظلم من قرارات الانضباط، ولكن هناك أيضاً أمور تتطلب التريث وعدم الاستعجال لأنها تحسب في النهاية على اللجنة وتؤثر في مصداقيتها وفي مساحة الثقة التي تجمعها مع باقي الأطراف الأخرى، خاصة ومن آثار وسلبيات ذلك إيجاد مساحات من الحساسية بين الأندية ليست هي المتسببة فيها.

اعتقد أن اللجنة في حاجة إلى مراجعة آلية عملها من أجل غد أفضل، لابد وأن تشعر جميع الأندية بأن أعضاء اللجنة، بما لديهم من عمق وفهم لصحيح القانون وإيمان بضرورة إرساء مبدأ العدالة بين الجميع، لا يهدفون أبداً إلى تحقيق صالح الاتحاد ولجنة الاحتراف وحدهما، وإنما يشغلهم أيضاً صالح كل الأندية لأنه يعني في النهاية صالح اللعبة والرياضة، وأتصور بأن اللجنة لو أعادت دراسة القرارات التي نقدت من جانب الاستئناف، بحيث لا يتكرر ذلك مستقبلاً، فسوف يمثل ذلك إضافة مهمة في آلية عملها وسيضاعف مساحة الثقة بينها وبين الأندية، نحن لا نرضى بوقوع أحد في الخطأ ولكن يهمنا أيضاً ألا نغفل روح القانون.

Email