الرياضة.. مال وبشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقيت بالأمس من الأخ سعيد الشارد، التعقيب التالي على زاويتي المنشورة قبل يومين، وأمام قيمة وأهمية ما كتب سوف أكتفي به تاركاً لكم القراءة والاستفادة، فأرجو الإمعان والتركيز.

عندما كنت أقرأ مقالك المعنون «معالي الوزير ننشد التغيير» يوم السبت 14 أبريل، كنت أشاهد مباريات الدوري الإنجليزي، واليوم هناك أيضاً مباريات الدوري الإماراتي، تخيلت وجود علاقة بين هذه الدوريات والجوهر الظاهر للموضوع المنشور، والجوهر الباطن للموضوع الذي ورد على لسان صديقكم الخبير، في الواقع هو صدى للضمير، ضمير المسؤولية والغيرة التي يشعر بها العديد من المتطوعين لخدمة العمل الرياضي في دولة الإمارات، هناك شعور قوي بالمسؤولية، وهناك قصور عميق في الإمكانية، وكما هو معتقد يبدو أنها الإمكانيات المادية.

ولكن هل هذه هي فعلاً الإشكالية؟ لا أعتقد ذلك، لابد من التشخيص، والتشخيص هنا ليس فنياً ولا إدارياً، يبدو لي أن التشخيص هنا قيادي واستراتيجي، والتشخيص كلما كان واقعياً ودقيقاً وتفصيلياً وذكياً، فإنه يكون جلياً ومنطقياً ومحايداً ومثمراً، أعتقد أن الإشكالية ليست في الإمكانيات المادية، بل هي بلا شك في الإمكانيات البشرية، الإدارة الرياضية، المسؤولون الموجودون خارج الميدان، جهة التخطيط، هم بداية النجاح، والأصول الرياضية هم اللاعبون الموجودون في الميدان وهم جهة التنفيذ وهم مفتاح النجاح، لهذا لابد من العودة إلى أصل المشكلة، إذاً، هناك مشكلة فعلاً.

هل نتذكر منذ عدة سنوات، عندما تم تشخيص واقع الرياضة من الخبير الأول في الرؤى المستقبلية وفي التخطيط الاستراتيجي، الرياضي الأول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حين قال إن الهرم مقلوب، ماذا حدث خلال السنوات السابقة؟ أعتقد أن الإجابة عند القيادة الرياضية، وعند المختصين في التخطيط، وعند المطلعين والمهتمين من المتابعين، وعند الإعلاميين الرياضيين بالطبع، والإجابة كانت واضحة نوعاً ما في مقالكم المذكور، وفي كلمات صديقكم المشكور، وهو مشكور فعلاً لأننا دائماً نحتاج إلى من يحرك المياه الراكدة، وإلى من يحاول التعبير بهدف التغيير، ودائماً التغيير بيد الوزير.

إذا نظرنا إلى واقع الإمارات في كافة المجالات، سنجد أن النجاحات متعددة ومستمرة ومتطورة، لا يوجد في المستقبل مستحيل لكن هناك للحاضر تحليل، لابد أن نعرف أين نقف؟ وما هي إمكانياتنا؟ وإلى أين نهدف؟ وماذا نحتاج لتحقيق الهدف؟ وقبل ذلك ما هو جدوى الهدف؟ الرياضة ليست كالسياحة أو غيرها من الأنشطة خاصة في مثل دولة الإمارات وبالطبع الدول القريبة منها والمماثلة لها أو بالأحرى المنافسة لها.

إذا كانت كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية والأوفر مادية، منفردة بالساحة الرياضية في دولة تتطلع إلى الصدارة العالمية، فهي تبتعد عن إسبانيا صاحبة المركز الأول بأكثر من مائة مركز، فهل هناك خطة للوصول إلى المركز الأول؟ هل هناك فعلاً فرصة للوصول إلى ذلك؟ هل المادة ستساعد على ذلك؟ هل أرض إسبانيا أو البرازيل هي من تنتج المواهب أم موازناتها المالية؟ وهل أرض الولايات المتحدة تنتج مواهب كرة السلة أم موازناتها؟ وهل أرض جامايكا تنتج مواهب الجري أم موازناتها؟

نعم المادة مهمة ومهمة جداً، لكن المشكلة ليست مادية وحسب. فالإمارات دولة غنية، ولكن أيضاً ذكية، الموضوع أساسه الاستثمار، وأساس الاستثمار في الموارد البشرية، لكن لماذا نستثمر؟ ومتى نستثمر؟ وفي من نستثمر؟ وأسئلة أخرى عدة في هذا المجال.

إذا لم تستطع الهيئة العامة للشباب والرياضة تقديم تشخيص وتقييم واضح لواقع الرياضة، أولاً الممكنات وثانياً الأهداف وثالثاً الإمكانيات، فلن نصل إلى أفضل ما يمكن أن نصل إليه في الرياضة، الرياضة الحقيقية تعتمد أساساً على الإمكانيات البشرية لممارسيها، وإن لم ننظر إلى الرياضة من هذا المنظور، فإن النتائج دائماً ستكون في المحظور، وسنظل ندور وندور..

Email