وما أدراك ما «أمازون»

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحمل صفقة استحواذ عملاق التسوق عبر الإنترنت «أمازون» على «سوق دوت كوم»، دلالات عميقة، بقدر ما أثارته من أسئلة عن ملابسات اللحظات الأخيرة قبيل الإعلان رسمياً عن إتمام الاتفاق.

ويمكن القول إن هذه الصفقة تؤرخ لمرحلة جديدة من العلاقة بين المؤسسات العالمية العملاقة والشركات المؤسسة حديثاً في الشرق الأوسط، وفي القلب منها دبي، العاصمة المالية والاقتصادية للمنطقة، بما يتيحه مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال فيها من فرص ومحفزات غير مسبوقة لأصحاب الأفكار الخلاقة ورواد الأعمال من مختلف الجنسيات، الذين يمتهنون التفكير خارج الصندوق، والبحث عن التميز، كما دأبت الإمارة التي اختاروها لتحقيق أحلامهم، بقدر ما اختارتهم.

ورغم أن هناك صفقة شبيهة جرت عام 2009، عندما استحوذت «ياهو» على «مكتوب»، إلا أن قصة «أمازون - سوق»، تختلف، ليس فقط في قيمتها التي يرجح أنها أكثر من 6 أضعاف سابقتها، ولكن في فرص النمو المستقبلية الهائلة التي تتيحها لطرفي الصفقة، مع اتساع رقعة التسوق عبر الإنترنت في المنطقة يوماً بعد يوماً، بقيادة دولة الإمارات، التي تستحوذ حالياً على الصدارة، إذ يتسوق نحو 71 % من سكانها «أونلاين»، وهي النسبة الأعلى بين دول الشرق الأوسط.

ولا تتوقف دلالات الصفقة القياسية عند هذا الحد، ولكنها تؤكد أن الإمارة التي احتضنت «سوق دوت كوم» عند تأسيسها قبل 12 عاماً، تواصل جني ثمار ما زرعته، بفضل رؤية ثاقبة، استشرفت المستقبل، وتنبأت قبل غيرها بأن اقتصاد المعرفة والابتكار سيزيح الأنشطة التقليدية الأخرى ويتصدر المشهد، ولذلك، شهدت دبي إطلاق أول مدينة للإنترنت بالمنطقة عام 1999، وأبصر قانون التجارة الإلكترونية النور في 2002، وبالطبع، ما كان لـ «سوق دوت كوم»، أو غيرها من الشركات المثيلة التي تسير بخطى حثيثة على نفس الدرب صوب العالمية، أن تصل إلى ما وصلت إليه، لولا هذه الرؤية الاستشرافية، وما وفرته من بيئة محفزة للأعمال في قطاعات توصف الآن بأنها ضمن «اقتصاد ما بعد النفط»، وهي أمور لم تنتبه لها دول كثيرة حول العالم إلا أخيراً، أي بعد الإمارات بنحو 20 عاماً.

ورغم شح المعلومات حول الصفقة وشروطها وملابسات قبول عرض «أمازون» دون غيره، إلا أن إعلان الطرفين استمرار عمل «سوق دوت كوم» بنفس الاسم التجاري، وبنفس خططها التوسعية بالمنطقة، انطلاقاً من بلد منشئها ومسقط رأسها، يؤكد أن دبي ستواصل تعزيز مكانتها مركزاً مالياً عالمياً، تقصده أكبر وأفضل المؤسسات والشركات الدولية الباحثة عن الفرص.

والقادم أفضل.

Email