مبادرات محمد بن راشد.. رؤية شاملة للعمل الإنساني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد حير مفهوم الإنسانية العديد من الفلاسفة والعلماء والمفكرين وأصحاب التوجهات الإنسانية الأخلاقية، وذلك لاعتبارات عدة، منها: «أن الإنسان بتكوينه وطبيعته الآدمية يختلف عن باقي الكائنات والمخلوقات الحية»، ولكن في نهاية المطاف اتفق الجميع على أن الإنسانية: «هي مجموعة من الأفكار والتصرفات السلوكية المقبولة والحميدة التي تصدر من الإنسان والتي تدمج ما بين العقل والروح لتبين أهمية وجود الإنسان وقيمته في المجتمع الإنساني».

ومن مبدأ الإنسان أولاً، أرسى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، منظومة مستدامة للعمل الخيري والإنساني عابرة للحدود. وانطلاقاً من رؤية شاملة للعمل الإنساني جاءت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، التي تم إطلاقها عام 2015، لتكون مظلة حاضنة لمختلف المبادرات والمؤسسات، التي رعاها سموه، وتجمع تحت مظلتها 35 جهة ومؤسسة ومبادرة، وتعمل في مجالات مكافحة الفقر والمرض والتنمية ونشر المعرفة والثقافة والتمكين المجتمعي والابتكار، وتنفذ مجتمعة أكثر من 1400 برنامج إنساني وتنموي في 116 دولة حول العالم، حيث بلغ إجمالي المستفيدين ضمن محور المساعدات الإنسانية منذ إطلاقها نحو 150.8 مليون شخص حول العالم

استفاد من برامج ومبادرات محور المساعدات الإنسانية والإغاثية تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية 30.2 مليون إنسان خلال عام 2022 بزيادة نحو 7.3 مليون مستفيد في 2021، ووصل حجم إنفاق مختلف المبادرات والمشاريع والبرامج تحت هذا المحور إلى 910 ملايين درهم، بزيادة 493 مليوناً عن العام 2021 مع التركيز  على التنمية الإنسانية بشكل متكامل  وتوفير الاحتياجات البشرية الأساسية من صحة ومكافحة الأمية والفقر، مروراً بتوفير المعرفة ونشر الثقافة وتطوير التعليم والعمل بشكل متوازٍ ، انتهاءا بتوفير  أكبر حاضنة للمبتكرين والعلماء.

ويأتي ذلك إدراكاً ووعياً من القيادة الرشيدة أن العالم اليوم أصبح يواجه تحديات كبيرة بسبب الحروب الدائرة والنزاعات والإرهاب والهجرة، وأن الحل الأمثل لما يجري من حولنا يستوجب علينا المساهمة الحقيقية الفعلية بمساعدة الإنسان في «دائرة الصراعات»، الذي مما لا شك فيه أنه في ظل تلك المآسي المتضرر الأكبر من جراء ما يحدث، لأنه عرضة لتلك المشاكل التي فرضت عليه، وصار لزاماً إنسانياً وواجباً أخلاقياً علينا من منطلق إنسانيتنا مد يد العون ومساعدتنا له بتوفير كافة احتياجاته الأساسية من تعليم وغذاء وعلاج، وغيره من خدمات ووسائل، تعينه وتقويه على ما يواجه من تحديات ومصاعب من جراء الأزمات الدائرة والمتعايش معها وفي محيطها بشكل يومي.

وترتبط مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» بعلاقة وثيقة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث كانت المؤسسة منذ انطلاق الشراكة مع المفوضية في العام 2021 من المساهمين الرئيسيين في تمويل برامجها. وبلغ الدعم المقدم من المؤسسة منذ ذلك التاريخ 136 مليون درهم (نحو 37 مليون دولار) استفاد منها أكثر من 750 ألف لاجئ ونازح، وأفراد من المجتمعات المضيفة في آسيا وأفريقيا.

وتحتل المساعدات الإنسانية والإغاثية مكانة رئيسية في عمل مؤسسة «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، حيث أعلنت في ديسمبر الماضي عن التعهد بتقديم مبلغ 60.6 مليون درهم خلال 2024 لدعم النازحين قسراً، وذلك على شكل دعم غذائي مباشر، وبرامج لتوفير سبل العيش المستدامة في دول عدة حول العالم.

وبموجب هذا التعهد، سيتم تخصيص مبلغ 37 مليون درهم من المبلغ الإجمالي لتمويل برامج الإغاثة الإنسانية والتنمية المستدامة، التي تنفذها المفوضية في 8 دول، هي: أرمينيا، وبنغلاديش، وبتسوانا، والهند، وناميبيا، ونيجيريا، وباكستان، وتونس، إضافة إلى مبلغ 5.5 ملايين درهم لتمويل مشاريع الدعم والإغاثة التي تنفذها المفوضية لمساعدة اللاجئين السودانيين في تشاد، بينما سيتم تخصيص أكثر من 18 مليون درهم موجهة لبرنامج الأغذية العالمي، وذلك لمواجهة الاحتياجات الطارئة في قطاع غزة.

ولقد تقدمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على الدعم الذي بلغ 136 مليون درهم للاجئين حول العالم.

وغني عن القول أن مبادرات الإمارات استطاعت أن تغير من الواقع المؤلم الذي يعيشه الملايين من المحتاجين للعون والمساعدة من جراء ما يعانونه من ويلات ألمّت بهم، وخاصة في بلدان ومناطق أكثر عرضة للمحن والصراع المستمر، وهو أمر ليس مستغرباً على قيادة دولة الإمارات، التي استطاعت أن ترسخ مكانة الدولة في مقدمة الدول التي تضع المحتاجين والمتضررين من الحروب أو الكوارث الطبيعية في قائمة أولوياتها واهتماماتها، وحازت شهادات أممية تؤكد تقدمها ومنافستها لدول العالم الأكثر عطاءً في تقديم برامج التنمية للدول المحتاجة والأكثر تضرراً حول العالم.

Email