إلى أين تمضي «دبي محمد بن راشد» في المستقبل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعلّ حدث تولي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مقاليد الحكم في دبي عام 2006، والذي أحيينا ذكراه قبل أيام قليلة، لم يكُن نقطة الانطلاق في مسيرة الإمارة، لكن القفزة التي صنعها هذا الحدث كانت من الأهمية بحيث أسهمت إسهاماً واضحاً، منذ أيامها الأولى، في تغيير ملامح المشهد الاجتماعي والاقتصادي، لا على مستوى دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة وحدهما، وإنما على مستوى المنطقة حتماً، ولا نبالغ إذا قلنا إن تأثيراتها قد بلغت العالمية.

إن قدوةً مرموقة في مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الإنسان، والحاكم، والقائد، لن يقتصر لَمعانُ نجمها على مجال محدود. وإن شخصيةً في مكانة سموه لا يمكن أن يعجز صدى أفعالها عن الامتداد في عوالم التطوّر المتسعة لينحصر في نطاق ضيق. لقد رسم تولّي سموه مقاليد الحكم في دبي نقطة تحوّل هائلة في مسيرة الإمارة، التي أراد لها سموه أن تكون نجماً في سماء المنطقة يشرق سعادة ويشعّ إلهاماً ويُضيء عزة وشموخاً، لا للمنطقة وحدها، وإنما للعالم بأسره.

لن نحصر أو نعدّد، في هذه العجالة، صنائع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فالكل يعرف الإنجازات التي قاد شعبه إليها، لكن لا بدّ أن نصف سموه، بفكره المتقّد ورؤيته الثاقبة، بالربّان الذي تُذعِن لسفينته العواصف! أجل، ففلسفةٌ لا يرضى صاحبها إلا بالمركز الأول، تجعله يعرف دائماً كيف يسابق الزمن بحكومته وشعبه إلى المستقبل، وتمكّنه من أن يجد السبيل الآمن والموثوق به للخروج من تحت أتون الأزمات الاقتصادية التي ما فتئت تضرب العالم كل بضع سنوات، للوصول بالجميع إلى شواطئ النجاة، بل إلى قمم من الإنجازات تُبهر العالم وتخلق لدى أجيال القادة في كل مكان، ولا سيما الشباب، الحافز المحرك والدافع القوي للمضيّ نحو المستقبل بأقدام ثابتة وخطوات متسارعة.

وفي إطار هذه الفلسفة، وتلك الرؤية الاستراتيجية، فقد أخذنا على عاتقنا في دائرة المالية، نحن وشركاؤنا من الجهات الحكومية المعنية بالشأن المالي والتشريعي، وضع سياسات مالية تنسجم مع رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصاديَّين، وضمان الاستدامة المالية، ورفع كفاءة الإنفاق، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص، من خلال حوكمة فعالة، وتمكين دبي من ترسيخ مكانتها مدينةً حاضنةً للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتعزيز تأثيرها في المجتمع المالي إقليمياً ودولياً.

إن هدفنا المستمر يتمثل في التركيز على تطبيق المبادئ السليمة لإدارة المال العام، والمتمثلة بالكفاءة، والمساءلة، والشفافية، وفي اعتماد سياسة مالية مصممة لمواكبة التطورات الاقتصادية المحلية والدولية، وتفعيل هذه السياسة، مع إدارة الالتزامات الحكومية والدَين العام على أسس سليمة، وتمويل المشاريع التي تتماشى مع أولويات استراتيجيات دبي، وتدعم دور القطاع الخاص، مع الحفاظ على الاستدامة المالية من خلال الحفاظ على الموارد المالية المتاحة.

لقد انعكس ما ذكرناه إيجاباً في تحسين إدارة السياسات الاقتصادية الكلية، ولا سيما السياسة المالية، والأداء الاقتصادي الكلي المتنوع، وأتاح أساساً قانونياً واضحاً ومُحدّداً لمسؤوليات مختلف الكيانات الحكومية واختصاصاتها، ووضع معايير للانضباط المالي تتبعها هذه الكيانات، هذا بجانب الحدّ من المخاطر المالية، الأمر الذي أثرى في قيمة دبي وإنسانها وأعلى شأن مجتمعها واقتصادها، ورسم لهذه المنظومة المتناغمة صورة مشرقة لا يزال صداها يتردد في أربع جهات الأرض.

إن المستشرف بعين الخبير لمستقبل دبي والمنطقة، والناظر بعين الحكيم في الآن نفسه في السنوات الثماني عشرة الماضية من تاريخ الإمارة والمنطقة، سوف يُدرك أن ما ينتهجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وما تقوم به حكومة الإمارة وفق هذا النهج، لا يزال يُرسي لمسألة تمكين استئناف الحضارة العربية والإسلامية الذي نادى به سموه قبل أكثر من ست سنوات، قراراً لا شعاراً، تسير الإمارة بحراكها الدؤوب اليوم وغداً وبعد عشر سنوات وفي مئوية الدولة، تعظيماً له وإقراراً لرفعة شأنه.

إننا لا نستطيع أن نرى دبي في مستقبل السنوات إلا منبع الإلهام لهذا الاستئناف الحضاري، والمنطلَق الذي قد نرى فيه السفن الساعية وراء التقدم الحضاري من أنحاء العالم قد جاءت تُبحر في مواكبة لسفينة رباننا وقائدنا، ولتغدو «دبي محمد بن راشد» المنارة المرشدة لعالم يحفه الأمن والسلم، وتعلو فيه قيم الازدهار الإنساني والاقتصادي في كل محفل، وعلى أي ساحة وطريق.

 

Email