انعقد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في مدينة إكسبو دبي في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، بهدف توحيد الجهود العالمية في مجال التغيرات المناخية كمواجهة الاحتباس الحراري، والقضايا البيئية المهمة الأخرى.
وفي وثيقة صادرة عن الأمم المتحدة للمناخ تقول: «إن العدد الإجمالي للحاضرين شخصياً في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين بلغ 97372 مندوباً، فيما وصل عدد المشاركين افتراضياً إلى 3074، ليصل المجموع الإجمالي إلى 100,446، وهي أرقام لم تحققها أي قمة للمناخ من قبل».
وفي رأي الأشخاص العاديين في أي دولة حول العالم، أن التغير المناخي يعني فقط، ارتفاع متوسط درجة الحرارة، مما يكون ذلك بعيداً كل البعد عن صحة البشر، حيث يؤثر تغير المناخ في كل شيء فيرفع من معدلات الحالات المناخية المتطرفة مثل الموجات الحارة وموجات الجفاف والفيضانات، غير أن الأمر عكس ذلك بحسب خبراء الصحة العالمية الذين وصفوا تغير المناخ بأنه أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، محذرين من تصاعد متوسط درجات الحرارة عالمياً المتمثل في 1.5 درجة مئوية لتجنب الآثار الصحية الكارثية، ومنع ملايين الوفيات المرتبطة بتغير المناخ، الأمر الذي وضع على طاولة النقاش، في الثالث من ديسمبر الجاري في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 28) في دبي، للمرة الأولى «يوم الصحة» كجزء من مفاوضات المناخ، وذلك من أجل وجود حلول مناسبة لمشكلة مهمة جداً، طالما أشار إليها العلماء لارتباطها الوثيق بصحة البشرية جمعاء.
واجتمع وزراء الصحة من معظم دول العالم لتبادل الأفكار والآراء والخبرات ووضع الخطط المستقبلية من خلال حشد الجهود العالمية من أجل التصدي لتداعيات تغير المناخ وضمان أمن الغذاء والصحة والمرافق الصحية للجميع، والحرص على أن تكون الصحة في صميم المناقشات المناخية، وحشد الجهود لبناء منظومات صحية عادلة ومرنة مناخياً.
ووفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية فإن تغير المناخ تسبب على مدار الـ50 عاماً الماضية، في خسائر اقتصادية تزيد على 4.3 تريليونات دولار ووفاة 2 مليون شخص، غالبيتهم في الدول النامية.
ومن هذا المنطلق ولأجل الحلول المستدامة والتصدي لأضرار التغيرات المناخية وتأثيراتها الكارثية على كوكب الأرض والبشرية جمعاء، تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بتقديم 100 مليون دولار لصندوق الخسائر والأضرار المناخية، حيث إن هذه المساهمة السخية مما لا شك فيه ستسهم بدور فاعل ومؤثر في المجتمعات الإنسانية التي تعاني من الخسائر والأضرار المرتبطة بالتغيرات المناخية. وأشار مسؤولون دوليون وخبراء إلى أن إنشاء صندوق الخسائر والأضرار، ومساهمة الإمارات وعدد من الدول الأخرى منها، الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، وبريطانيا، واليابان، يوضح قوة العلاقات الدبلوماسية والقيادة والتخطيط الناجح لدولة الإمارات العربية المتحدة.
عام كامل مضى بين الاتفاق التاريخي في ختام الدورة السابقة لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الذي صدر في ختام مؤتمر شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية العام الماضي، والخاص بإنشاء آلية جديدة لتعويض الدول الفقيرة عما يلحق بها من أضرار نتيجة التغيرات المناخية، والقرار التاريخي الذي ورد في دورته التي انعقدت في دبي هذا العام بشأن إنشاء هذا الصندوق الذي طال انتظاره.
ومما لا شك فيه يعد «كوب 28» الحدث الأهم والأبرز في تاريخ مؤتمرات المناخ بشهادة المشاركين والخبراء وأصحاب الاختصاص في شأن المناخ وتأثيراته على كوكب الأرض والبشرية، لا سيما بعد نجاحه في اختتام أعماله بالتوصل إلى «اتفاق الإمارات» التاريخي، والذي يتضمن خطة عمل مناخية للحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية، كما نجح أيضاً في جمع وتحفيز تعهدات تفوق 85 مليار دولار لتمويل العمل المناخي، بالإضافة إلى جهوده في تحقيق الهدف العالمي للتكيف ليدشن بذلك حقبة جديدة من العمل المناخي العالمي.
وبهذه المناسبة المهمة جداً والسعيدة للشعوب التي ينالها ضرر التغيرات المناخية، رحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بقرار تفعيل «صندوق الخسائر والأضرار»، في «كوب 28» كأداة أساسية لتحقيق العدالة المناخية، داعياً قادة العالم إلى تقديم مساهمات سخية لتمويل الصندوق.
ووصف الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل، قرار إنشاء صندوق الخسائر والأضرار بأنه يمنح قمة المناخ في دبي انطلاقة جيدة، داعياً الحكومات والمفاوضين إلى استغلال هذا الزخم من أجل الدفع باتجاه المزيد من الإنجازات الواعدة.