الحياة الخاصة.. سياج بحماية القانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمثل البيئة الرقمية بكل صورها تهديداً صارخاً للحق في الخصوصية والحريات العامة، من خلال جمع البيانات الشخصية وتخزينها وتبادلها ونقلها، وبسبب قدرة النظم الإلكترونية في معالجة وكشف المعلومات المتعلقة بالأفراد، ويشمل الحق في الخصوصية كل ما يتعلق بحياة الإنسان العائلية والمهنية، وحالته الاجتماعية والاقتصادية، وأماكن قضاء أوقات فراغه، وحقه في اسمه وشرفه واعتباره، ويعد انتهاكاً للخصوصية انتهاك عزلة الشخص كالاعتداء على حرمة مسكنه أو التنصت على محادثاته التلفونية أو تصويره أو الإفشاء العلني للوقائع الخاصة كالمرض أو استعمال صورته على نحو يشوه سمعته أو يسيء إليه في نظر الجمهور، ويقوم الحق في الخصوصية على حرمة الحياة الخاصة وسريتها، وهو حق نسبي، يختلف من مجتمع لآخر، ومن زمن لآخر في المجتمع ذاته، كما يختلف من ناحية الأشخاص بحسب ما إذا كان الشخص شخصية عامة أم لا.

ضمانات 
ويعد الحق في الخصوصية من الحقوق، التي كفلها المشرع الإماراتي، حيث أحاطها بسياج من الحماية، وعمل على توفير الضمانات القانونية لهذا الحق، وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أوائل الدول التي كان لها السبق في الاستجابة التشريعية لحماية هذا الحق، ويتمثل في حق الفرد في الاحتفاظ بأسراره الخاصة مثل السر الطبي والسر المصرفي، وحرمة المسكن والحق في حماية المعلومات الخاصة والمراسلات والصور والحق في حماية أفكاره، إلا أن التطور الهائل في التقنيات الرقمية أدى إلى شمولية هذا الحق، ليشمل سرية مراسلات البريد الإلكتروني، وحماية الخصوصية المعلوماتية للمستخدم، عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وجرم المشرع التعدي على الخصوصية بموجب المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 2022 بشأن الجرائم والعقوبات فنص بالمادة رقم «431» على أن: يعاقب بالحبس والغرامة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه:
- استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق الهاتف أو أي جهاز آخر.
- التقط أو نقل بجهاز أيا كان نوعه صورة شخص في مكان خاص.
إذا صدرت الأفعال المشار إليها في الحالتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع أو مرأى من الحاضرين في ذلك الاجتماع فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً.

نشر 
كما يعاقب بالعقوبة ذاتها من نشر بإحدى طرق العلانية أخباراً أو صوراً أو تعليقات تتصل بأسرار الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد ولو كانت صحيحة، ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 7 سنوات، وبالغرامة الموظف العام، الذي يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته. 
ويحكم في جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم في الجريمة، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها أو إعدامها.
وكذلك جرم المشرع التعدي على حرمة الحياة الخاصة بموجب المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية فنص بالمادة رقم 6 على أن:
- يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة، التي لا تقل عن 20 ألف درهم، ولا تزيد على 100 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من حصل أو استحوذ أو عدل أو أتلف أو أفشي أو سرب أو ألغى أو حذف أو نسخ أو نشر أو أعاد نشر بغير تصريح بيانات أو معلومات شخصية إلكترونية باستخدام تقنية المعلومات أو وسيلة تقنية معلومات، فإذا كانت البيانات أو المعلومات المشار إليها تتعلق بفحوصات أو تشخيص أو علاج أو رعاية أو سجلات طبية أو حسابات مصرفية أو بيانات ومعلومات وسائل الدفع الإلكترونية عد ذلك ظرفاً مشدداً.
ويعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تلقى أياً من البيانات والمعلومات المشار إليها، واحتفظ بها أو خزنها أو قبل التعامل بها أو استخدامها رغم علمه بعدم مشروعية الحصول عليها.

تقنية 
كما نصت المادة «44» من ذات المرسوم ذات بقانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150,000 درهم ولا تزيد على 500,000 درهم أو إحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظان معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات بقصد الإعتداء على خصوصية شخص أو على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق التالية:
- استراق السمع أو اعتراض أو تسجيل أو نقل او بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية 
- التقاط صور الغير في أي مكان عام أو خاص أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها او كشفها أو نسخها أو الغحتفاظ بها 
- نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية بقصد الإضرار بالشخص
- التقاط صور المصابين أو الموتى أو ضحايا الحوادث والكوارث ونقلها أو نشرها بدون تصريح أو موافقة ذوي الشأن. 
وبالتالي يعتبر التعدي على الحق في الخصوصية «حرمة الحياة الخاصة» سواء كان في إطاره التقليدي أو الحديث عبر وسائل التقنية الحديثة انتهاكاً لحقوق الفرد وحريته في حياة آمنة بعيداً عن العلانية، وأن المشرع ذهب إلى تجريم كل الأفعال التي من شأنها أن تمس أو تعتدي أو تهتك ستر هذا الحق.

Email