لعبة «توزيع الأدوار»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ردٍ يعتقد فيه المراقبون أنه يحمل إشارة تدل على شرخ سياسي في العلاقات الأمريكية - الإسرائيلية. قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير: «على الرئيس الأمريكي أن يستوعب أن إسرائيل ليست نجمة أخرى في العلم الأمريكي وأن إسرائيل دولة ذات سيادة»، وذلك رداً على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن على قناة «سي إن إن» التي انتقد فيها ما تفعله الحكومة الإسرائيلية من تجاوزات، وقال إن هذه الحكومة فيها «بعض الأعضاء الأكثر تطرفاً».

ذلك الاعتقاد سيكون صحيحاً وواقعياً وبنسبة كبيرة إذا كان مبنياً على أي علاقة أمريكية مع أي دولة غير إسرائيل، لكن قطعاً سيكون هذا التقييم مخالفاً للحقيقة مع إسرائيل.

فالعلاقة التاريخية بين واشنطن وتل أبيب تؤكد أن ترابطهما من البديهيات السياسية وهذا ليس استنتاجاً قابلاً لأن يكون صواباً أو خطأ بقدر ما هو حقيقة يدركها الأغلب.

ليس من الصعب رصد حالة من الجفاء السياسي الذي يطبع العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، لأنها ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا التراشق السياسي بين الطرفين في وسائل الإعلام العالمية. فخلال أربعة أشهر فقط انتقد مسؤولون إسرائيليون بشدة مرتين الرئيس الأمريكي بلغة تتجاوز اللياقة.. المرة الأولى في مارس الماضي.. والثانية خلال هذا الأسبوع وهذه الأخيرة هي الأكثر حدة والأوسع نطاقاً حيث صدر عن أكثر من مسؤول إسرائيلي وهو ما يهدد بإغضاب البيت الأبيض.

الاختلافات السياسية في إدارة العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية ليست جديدة رغم قوة الارتباط الاستراتيجي بينهما، بل إن هذا الاختلاف مطلوب حتى في لغة التصعيد بينهما على الأقل من أجل «إيهام» البعض بأنهما مختلفان، ولكن لحظة الحقيقة، هي المقياس لمتانة ما يربطهما، لأن هذه العلاقة تختلف تماماً عن طبيعة أي علاقة أمريكية مع أي دولة أخرى في العالم على الأقل وفق الدوافع التي تجعل الولايات المتحدة مهتمة بمنطقة الشرق الأوسط والتي يمكن تلخيصها في عاملين اثنين هما: أمن إسرائيل فهو خط أحمر. والعامل الآخر أمن الطاقة أو النفط تحديداً.

وباختصار أن التقييم الحقيقي لما يحدث إن كان حقيقياً فإن حالة الغضب الإسرائيلي ناتجة عن تصرفات الإدارة الأمريكية الحالية ، وتكمن أبرز الأسباب الحالية لحالة الجفاء بين البلدين في رفض الولايات المتحدة لمشروع الحكومة الحالية في تعديل سلطات المحكمة العليا التي تبطىء من القرارات الحكومية، وفي رفض إسرائيل القاطع لامتلاك إيران للبرنامج النووي في الوقت الذي تتفاوض فيه الولايات المتحدة سراً مع طهران، بالإضافة إلى تسريبات عن حالة التقارب الصيني-الإسرائيلي.

لفهم العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية علينا وضع قاعدة أساسية هي: أن ما يتم علناً في الخلافات الأمريكية-الإسرائيلية أو حتى الخلافات السياسية بين الإسرائيليين أنفسهم لا قيمة له استراتيجياً فهناك ما يُعرف بلعبة «توزيع الأدوار» لتهدئة ضغط الرأي العام العالمي وتخفيف الغضب الدولي.

 

* كاتب إماراتي

Email