الإمارات التي تُشرع «التسامح» عالمياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

اعتمد مجلس الأمن الدولي، مؤخراً قراراً تاريخياً حمل رقم (2686) اشتركت في صياغته كل من: دولة الإمارات والمملكة المتحدة حول التسامح والسلام والأمن الدوليين، وأقر القرار للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى تفشي هذا الداء وتصعيده وتكرار النزاعات في العالم.

وفي حين تنطلق أهمية هذا القرار من أنه من المستحيل على دولة وحيدة في العالم خوض حرب ضد العنصرية وكراهية الأجانب والتمييز العنصري والتمييز بين الجنسين، إلا أن تجاهله يؤدي إلى اندلاع النزاعات وتصعيدها، بل إنه من المستحيل حتى مجرد التفكير من أن تتمكن دولة وحيدة من اختراق مجتمعات توجد فيها هذه الثقافة وردع محترفي تهييج الناس ضد بعضهم وملاحقتهم دون إشراك الفاعلين الدوليين أولاً، ومن ثم الفاعلين المحليين في كل مجتمع من رجال الدين، والإعلاميين.

من هذه القناعة جاء تحرك دبلوماسية دولة الإمارات في مجلس الأمن الدولي الذي تترأسه هذا الشهر لإقرار قانون مكافحة التطرف والكراهية.

وشكلت رئاسة دولة الإمارات لمجلس الأمن خلال هذا الشهر فرصة لتقديم مقترح القرار لأنها تؤمن بأهمية الاعتراف العالمي بالمشكلة لمواجهتها وهذا ما فعلته خلال مسيرتها في مواجهة هذا الخطر الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين ، حيث تقدمت باقتراح على المؤسسات الدولية كما حدث في مجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي، عندما استطاعت بمشاركة بريطانيا من صياغة قانون دولي ضد خطاب التطرف والكراهية والتفرقة.

إجماع أعضاء مجلس الأمن الدولي على التصويت لمبادرة دولة الإمارات وبريطانيا، جاء ليؤكد مجموعة من النقاط المهمة حول الرؤية الإماراتية في تحقيق الاستقرار والأمن العالمي وهي:

أولاً: أن إقرار هذا المقترح أثبت أن دولة الإمارات جادة في مواجهة هذا الخطاب المتشدد، فهي بدأت بعدد من المبادرات الداخلية فيها بعضها إصدار تشريعات ضد التمييز والكراهية في عام 2015 بجانب الجهود لخلق مجتمع متسامح بين البشر يستطيع من خلاله التفاهم والتحاور الفكري.

ثانياً: أهمية عدم توقف السلطة الدولية وهنا المقصود الأمم المتحدة بأجهزتها التنفيذية والتشريعية في لحظة انتظار لحين انفجار الوضع في أي بقعة من العالم ومن ثم التحرك، فالقرار جاء بمثابة «استباق» حدوث انفجارات جديدة في العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط من خلال وضع روادع تشريعية دولية، فلا شك أن هذا الإجراء هو البداية في تحقيق الخلاص النهائي من أصحاب الخطابات التي تحمل رسائل تهديد المجتمع سواءً كانوا رجال الدين أو قادة الرأي العام.

ثالثاً: إشراك الجميع في تحمل المسؤولية وعدم إفساح المجال من التهرب منها، وهذا ما يمكن استخلاصه من أن القرار تم التصويت عليه في مجلس الأمن وبالإجماع، كما أن القرار شمل مسؤولية كل الفعاليات المجتمعية الموجودين في الدولة الواحدة مثل: القيادات الدينية، ووسائل الإعلام بشقيه التقليدي والحديث حيث يعتبرون مؤثرين في اتجاه الناس نحو التسامح أو العنف لأنهم سلطة.

وغني عن القول إن ما حققته الدبلوماسية الإماراتية في مجلس الأمن هو عينة من الجهود التي تبذلها لخدمة البشرية،  كما أن هذا النجاح في صياغة هذا القانون هو نتيجة حالة من الزخم الدبلوماسي والإعلامي الدولي قامت به الإمارات قبل طرحه للتصويت، حيث اكتسبت ثقة المجتمع الدولي عبر أفعال وإنجازات ملموسة، ومن خلال وجود أكثر من استراتيجية وطريقة في إقناع العالم مع وجود دبلوماسية قائمة على الأخلاق الإنسانية قبل السياسة.

Email