في يوم المرأة العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصادف الثامن من مارس من كل عام، يوم المرأة العالمي، وهو يوم تحتفل به كل الأمم تقديراً واحتفاء بمنجز المرأة العام، ولدورها المجتمعي ومشاركتها العامة. وعلى الرغم من أن دولة الإمارات قد خصصت يوماً خاصاً للمرأة الإماراتية، وهو الثامن والعشرون من شهر أغسطس من كل عام، إلا أنها لا زالت تشارك المجتمع الدولي في الاحتفال بيوم المرأة العالمي، لا سيما وأن المرأة في الإمارات قد حققت الكثير في وقت قصير، ومن حقها إبراز هذا المنجز للعالم. لقد حرقت المرأة الإماراتية المراحل، وقفزت إلى المراتب الأمامية، وسبقت غيرها من الأمم تعليماً وعملاً ونجاحاً. هذا الأمر يجعل الكثير من المراقبين للعمل النسوي يتساءلون عن المستقبل، وماذا تبقّى للمرأة لكي تطالب به بعد أن حصلت على مجمل حقوقها.

وفي واقع الأمر، فإن القيادة الرشيدة مكنت المرأة الإماراتية، من دون كسر للعادات والتقاليد، وأتاحت لها فرصة تقلد المناصب العليا، الأمر الذي سهل ولوجها إلى الحياة العامة وأخذ دورها في المجتمع.

ولكن كل ذلك المنجز لا يزال تحت المجهر عند النظر إلى حقوق المرأة من وجهة نظر بعض المنظمات الحقوقية العالمية، التي غالباً ما تضع مقاييس لا تناسب مجمتعاتنا لقياس مدى تفوق المرأة وحصولها على حقوقها المدنية. فمن وجهة نظر بعض المنظمات الحقوقية، لا زالت المرأة في الخليج بصورة عامة تعاني من عدم المساواة التامة مع الرجل في الحقوق.

وفي واقع الأمر، على الرغم من مشاركة المرأة في الخليج نظيرتها في الدول الأخرى باليوم العالمي للمرأة، إلا أنه في كل دولة خليجية هناك يوم خاص بالمرأة احتفاء بمنجزها ومساهماتها، وهذا دليل على أن دول الخليج لم تهمش المرأة. وهذا يأتي كرد واضح وقاطع على انتقادات المنظمات الحقوقية الدولية، والتي ربما لا تعرف كوامن مجتمعات الخليج، أو طبيعة حركة المجتمع فيها. فتقبل مجتمعات الخليج لتطور المرأة المجتمعي جاء تدريجياً؛ ولهذا لم يحدث صدمة كما حدث في المجتمعات الأخرى، ولم يأت عشوائياً، وإنما يعكس التطور التدريجي للمجتمع، والذي غالباً ما يكون أقل بطئاً من التطور العمراني أو الاقتصادي.

إن نظرة واحدة على وضع المرأة في الخليج في العقود الأخيرة، يثبت وبجلاء أن مجتمعاتنا تقدر مشاركة المرأة في الفضاء العام وتشركها في صنع القرار، بما فيه القرار السياسي، وتقف بجانبها وتساندها. فقد أدركت كل مجتمعات الخليج أهمية دور المرأة وأعطتها حقوقها في جميع الميادين. كل ذلك تم في فترة زمنية قصيرة، الأمر الذي انعكس إيجاباً على مجتمعات الخليج داخلياً ودولياً.

إن احتفال العالم بيوم المرأة العالمي له صدى كبير في دول الخليج، فقد وصلت هذه الدول في تطورها السياسي إلى درجة النضج، ومنحت المرأة حقوقها الطبيعية حسب ما تمليه عليها الشرائع السماوية والقانون الإنساني. أما بالنسبة للمرأة فقد وصلت هي الأخرى إلى درجة النضج في المطالبة بحقوقها المدنية، فلم تدخل في صراع مع المؤسسات المجتمعية أو الدينية، ولم تهدر وقتها في الشعارات الزائفة والرنانة، أو مجاراة الآخر المختلف عنها فكرياً وحضارياً، وإنما جاءت مطالبها مواكبة لحركة تطور المجتمع.

لقد شهدت مجتمعات الخليج حركة قوية باتجاه منح المرأة حقوقها كاملة، ومساواتها سياسياً واقتصادياً بالرجل. وهذه الحركة تقبلها المجتمع بسلاسة، الأمر الذي يعكس رغبة جماعية بإعطاء المرأة كامل حقوقها. هذا الأمر أزال الكثير من التابوهات المتعلقة بمشاركة المرأة، وخاصة المشاركة السياسية، كما أن وقوف السلطات السياسية بجانبها ودعمها لها، كان أكبر حافز للمرأة. فقد استطاعت المرأة، من خلال التمكين، الخروج من الإطار الذي وضع لها عبر العقود الماضية والانطلاق إلى فضاءات متنوعة وأخذ دورها في المجتمع.

Email