الجرائم الإلكترونية

ت + ت - الحجم الطبيعي

باتت وسائل التواصل الاجتماعي تشكل نقلة نوعية في عالم الإعلام الرقمي فقد جعلت من العالم قرية صغيرة تسمح بإنشاء المحتوى الإلكتروني وتبادله، كالصور والفيديوهات، عبر الفضاء الرقمي وتفتح نافذة مهمة للتفاعل بين الأفراد، ولهذا يمكن وصفها «بإعلام العولمة» الذي لا يلتزم بالحدود الوطنية للدول، وإنما يطرح حدوداً افتراضية غير مرئية عبر شبكات الاتصال المعلوماتية وكان لها تأثير كبير على مختلف فئات المجتمع، خصوصاً الشباب الأكثر استخداماً لها، سواء من الناحية الإيجابية كتوظيف وسائل التواصل كأداة لبث القيم الإيجابية مثل الولاء والانتماء والمشاركة الفاعلة في بناء الأوطان وتنميتها، أو من الناحية السلبية، حيث أسهمت بشكل كبير في تراجع الدور الذي تقوم به الأسرة التي لم تعد هي الموجه لعقلية الشباب بعد أن استولت على عقولهم وبدأت تهدد الكثير من القيم التي كانت تحرص عليها الأسرة.

ويعتبر نشر الشائعات من أكثر المخاطر الناجمة عن سوء توظيف وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أصبحت تمثل المصدر الرئيسي للعديد منها، خصوصاً مع تنامي ظاهرة الحسابات الوهمية، فضلاً عما تتميز به وسائل التواصل الاجتماعي من سهولة وسرعة في نشر وتداول المعلومات والأخبار، بفعل خصائص البث الفوري والتداول الجماعي، وتوافر أدوات تزييف الصور وفبركة الفيديوهات، والتي تضفي بدورها حبكة محكمة على محتوى الشائعات وتساعد في انتشارها.

 ولقد تصدى المشرع الإماراتي بحزم لتلك الأفعال بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، فنص بالمادة 44 منه على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقل عن مائة وخمسين ألف درهم ولا تزيد على خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات بقصد الاعتداء على خصوصية شخص أو على حرمة الحياة الخاصة أو العائلية للأفراد من غير رضا وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً بإحدى الطرق التالية: 

1 – استراق السمع أو اعتراض أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية.

2- التقاط صور الغير في أي مكان عام أو خاص أو إعداد صورة إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها.

3- نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية بقصد الإضرار بالشخص. 

كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تزيد على خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم نظام معلومات إلكتروني أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر).

وتحتل جريمة السب عبر تطبيق الواتس آب حيزاً كبيراً من القضايا المتداولة في ساحات المحاكم، خصوصاً وأن هناك من يظن أن العلاقات التي تجمع بين الأفراد سواء أكانت قرابة أم صداقة أم مجرد معرفة تمنع المجني عليه من رفع دعوى قضائية، ويجهل آخرون القوانين بشكل عام وبشكل خاص القانون المتعلق بمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية المعمول به في الدولة، وهو ما يضع أناساً في قفص الاتهام بسبب الاستهتار واللامبالاة، فلقد شددت المادة 43 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية على عقوبة السب فنصت: (يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تزيد على خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات أو نظام معلوماتي).

كما تعد جريمة الابتزاز واحدة من أكثر الجرائم الإلكترونية انتشاراً، إذ تتم من خلال اختراق جهاز الضحية سواء جهازه المحمول أم حاسوبه الشخصي وسرقة بياناته الشخصية وصوره الخاصة، وغالباً ما تكون مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة هي الوسيلة لهذا الاختراق، إذ يصل الشخص المبتز إلى الصور والبيانات الشخصية من خلال اختراق الحسابات الشخصية كالفيسبوك والإنستغرام والسناب شات وتويتر أو من خلال الضحية نفسها حال قيامها بإرسال صور شخصية لشخص غير موثوق فيه يقوم باستغلالها وتهديدها، كذلك قد يصل المبتز إلى الحسابات الشخصية من خلال إرسال روابط احتيالية على البريد الإلكتروني أو من خلال استعادة محتويات الأجهزة الذكية كالهاتف المحمول بعد بيعه من قبل صاحبه.

ولقد بيّن المشرع بالقانون سالف الذكر عقوبة الابتزاز الإلكتروني فنص في المادة 42 منه على أن: (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ابتز أو هدد شخصاً آخر لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تزيد على عشر سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جريمة أو بإسناد أمور خادشة للشرف والاعتبار وكان ذلك مصحوباً بطلب صريح أو ضمني للقيام بعمل أو الامتناع عنه).

Email