«الاتحاد» ما بين زمن الأجداد والهيبة والفخامة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الثاني من ديسمبر المقبل تحتفل دولة الإمارات، بكل هيئاتها ومؤسساتها ومرافقها العامة، بيومها الوطني الحادي والخمسين.

لقد كان تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971، بداية التحولات المجتمعية التي نقلت المجتمع من مرحلة القبيلة إلى مرحلة الدولة الحديثة، دولة المؤسسات ذات الأطر والهياكل التشريعية والتنفيذية والقضائية، التي تهدف إلى تحقيق مصلحة الوطن والمواطن.

حدد دستور الإمارات، مقومات الاتحاد وأهدافه الأساسية وطبيعة السلطات الاتحادية والحقوق والواجبات المكفولة للمواطنين، كما حدد الدعامات الاجتماعية والاقتصادية الأساسية التي تؤسس مجتمع الدولة الحديثة، تلك المقومات التي تؤكد المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة، وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين.

ولدت دولة الاتحاد تحمل كتاباً سطره أجدادنا الأشاوس، وهم كانوا يصارعون واقعاً تصعب الحياة في كنفه، خصوصاً في بيئة قاحلة، لم تتوفر فيها سبل كسب العيش الوفير.

ومن ثم، كان خيار أجدادنا الوحيد، هو امتهان حرفة الصيد البحري، من أجل التقاط ما يجود به قاع البحر، فصار ركوب البحر لأيام وشهور، حرفة طورها الأجداد، ومن خلالها درسوا حركات النجوم والكواكب، لتتيسر لهم سبل الاهتداء إلى مواقع مزارع اللؤلؤ، وفي ذلك الزمن الصعب، كانت رحلات الصيد تستغرق أمداً طويلاً.

ومع غياب الرجال، كانت تتولى النساء القيام بمهام تربية الأبناء، وتدبير شؤون حياة كل أفراد «الأسرة الكبيرة الممتدة»، وهي التي يعيش في كنفها الأجداد والأبناء والأحفاد معاً، وتحت سقف واحد، وتتقاسم الحياة الاجتماعية بشكل مشترك مترابط ومتآزر. هكذا كانت الأسرة سابقاً، قبل قيام دولة الاتحاد.

اليوم، أصبحت الإمارات نموذجاً على المستوى العالمي من حيث التنمية الاقتصادية والقيم الثقافية، والاستقرار السياسي والاجتماعي، في حين تتسم سياستها الخارجية، التي وضع نهجها المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، بالحكمة والاعتدال، وارتكازها على قواعد استراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على إقامة علاقات مع جميع الدول، والوقوف إلى جانب المستضعفين والمحتاجين في العالم، والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.

كما استطاعت دولة الاتحاد أن ترسخ مكانتها العالمية بين الدول المتقدمة في ريادة الفضاء بنجاحها في إطلاق أول قمر صناعي إماراتي «خليفة سات» وإرسال أول رائد فضاء عربي من أبنائها إلى المحطة الدولية، والذي دون أدنى شك يعد إنجازاً تفتخر به أجيال الحاضر والمستقبل في بلادنا ووطننا العربي أجمع، كما تصدرت «دولة الاتحاد» كل دول العالم في الهيبة والفخامة والمكانة المرموقة، بحسب قائمة «أكثر دول العالم هيبة»، التي أصدرتها شبكة «يو إس نيوز أند وورلد ريبورت» الإعلامية الأمريكية، ونشرتها في المجلة التابعة لها.

واستندت الشبكة في تصنيف الدول من حيث الهيبة والفخامة، إلى نتائج استبيان أجرته على عينة قوامها يتجاوز 17000 شخص من كل أنحاء العالم، وتعد الهيبة والفخامة أحد عوامل التقييم الفرعية التي ألحقتها المؤسسة بمؤشر «النفوذ الثقافي»، الذي يندرج بدوره ضمن تصنيف «أفضل دول العالم»، والذي تصدره الشبكة بصفة سنوية.

وكانت الشبكة أصدرت تصنيف «أفضل دول العالم 2022» في الــ 27 من سبتمبر الماضي، ونشرته «البيان» آنذاك. وانفردت الإمارات دون كل دول العالم بتحقيق العلامة الكاملة «100 من أصل 100» درجة، في مؤشر الهيبة والفخامة.

كما تصدرت الإمارات عربياً فيما احتلت المركز 34 عالمياً على «مؤشر الحرية والرخاء»، الصادر عن «مركز الحرية والرخاء» التابع لــ«المجلس الأطلسي»، المؤسسة البحثية والفكرية الأمريكية المرموقة. ويرصد المؤشر مستويات الرخاء والازدهار في مختلف دول العالم، كما يتتبع أيضاً العلاقة بين هذه المستويات من جانب، ومستويات الحريات المختلفة، خصوصاً الحريات الاقتصادية في دول العالم.

وحصلت الإمارات على 66.5 من أصل 100 درجة في «مؤشر الحرية والرخاء» لتنال بها المركز الأول عربياً والــ 34 عالمياً.

وذكر مركز «الحرية والرخاء» في التقرير المرفق بنتائج المؤشر، أن الإمارات تقود الطريق بين الدول العربية صوب الرخاء وأيضاً الحرية الاقتصادية. وأضاف التقرير إن الإمارات تصنف من حيث الحرية ضمن فئة «حرة إلى حد كبير»، وهو أعلى تصنيف بين الدول العربية، مشيراً أن هذا التصنيف قاد الإمارات إلى التفوق عربياً في الأداء الاقتصادي أيضاً، وهو ما أدى بالتبعية إلى تفوقها في الرخاء والازدهار.

في ظل «دولة الاتحاد»، مما لا شك فيه، تحول مجتمعنا من مجتمع تقليدي إلى مجتمع الرفاهية، وكان من ثمار ذلك، نهضة حضارية وتنموية وضعت الإمارات في مصاف الدول المتقدمة، بل تجاوزتها وتفوقت عليها بشهادات أممية عالمية، بفضل جهود قيادتها الرشيدة، التي حققت تنمية بشرية مرتفعة.

هكذا كان وسيظل الثاني من ديسمبر، نقطة التحول الكبيرة في حياة الأسرة الإماراتية وكل مقيم على هذه الأرض الطيبة، هنيئاً لنا جميعاً بما حققته مسيرة الاتحاد، وإلى الأمام دائماً نحو المزيد من الخير والتقدم والازدهار، كل عام والجميع بخير.. قيادة وشعباً.. وكل من يقيم على أرض دولتنا الغالية.

* كاتبة إماراتية

Email