تداعيات هبوط اليورو أمام الدولار

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواصل اليورو انزلاقه ليصل إلى ما دون الدولار، وهو أدنى مستوى يصل إليه اليورو في 20 عاماً، فما تداعيات ذلك على الاقتصادي العالمي؟

مع اشتداد المخاوف من حدوث ركود في منطقة اليورو، وتزايد حالة عدم اليقين بشأن إمدادات الطاقة إلى أوروبا، وتهديد روسيا بخفض إمدادات الغاز إلى ألمانيا والقارة، تتراجع العملة الأوروبية بشكل كلي وحاد. كما أن مخاوف حدوث ركود اقتصادي يُلقي بظلاله على اقتصادات أوروبا، وأثارت تساؤلات حول قدرة البنك المركزي على تشديد السياسة النقدية؛ لكبح جماح التضخم القياسي في الأسعار. فمن المتوقع أن يقوم «المركزي الأوروبي» برفع أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ عشر سنوات بنسبة ربع بالمئة (0.25%)، على أمل أن يسهم هذا التدخل في خفض الأسعار. وفي حين أن ضعف اليورو يجب أن يُقلق الأوروبيين، إلا أن ذلك قد يُشكّل فائدة للسيّاح القادمين من الولايات المتحدة.

من الجدير بالذكر، أن نسبة التضخم ارتفعت بنسبة 5% منذ بداية العام الجاري، وهي الأعلى في القارة الأوروبية منذ 30 عاماً، بحسب أحدث البيانات التي نشرها مكتب «يورو ستات» (Euro stat) للإحصاءات، التابع للمفوضية الأوروبية، كما وصلت نسبة التضخم في الويالات المتحدة إلى 9.1%. كما أن هناك تقارير اقتصادية من بنوك أوروبية، أشارت إلى نقاط الضغط التي تمتد بفعل نقص الغاز الطبيعي إلى سوق الطاقة الأوروبية، إذ قد تصبح تحركات «الملاذ الآمن» نحو الدولار أكثر «تطرفاً» لاسيما مع دخول الولايات المتحدة في ركود تقني، الأمر الذي يُعزّز الضغط التنازلي على تداول اليورو.

ويرى خبراء أنه «إذا وجدت كل من أوروبا والولايات المتحدة نفسيهما ينزلقان إلى ركود (أعمق)، فيما لا يزال الفيدرالي الأمريكي يرفع أسعار الفائدة، فيمكن أن نرى هذا الركود بشكلٍ أكبر». كما أن ضعف سعر اليورو ناتج بالدرجة الأولى إلى قوة الدولار، وتزايد الطلب عليه في الأسواق العالمية، ليس فقط بسبب التصعيدات في منطقة اليورو، في مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا ما يدفع بالدولار نحو الصعود أكثر.

أما عن التوقعات، فإنها تشير إلى هبوط اليورو في حال عدم تدخل «المركزي الأوروبي» بشكل سريع، خاصة مع اقتراب دخول الخريف وبعده الشتاء، الذي يتضاعف فيه استهلاك الغاز، فالوضع سوف يتأزّم أكثر، وبالتالي سوف يضغط ذلك على سعر اليورو ليهبط أكثر، كما أن الارتفاع الكبير في أسعار النفط والغاز مضر للمستهلك الأوروبي، وللشركات الأوروبية، الأمر الذي يُعزّز التضخم ويفاقم الأزمة بشكل متصاعد أكثر.

أما عن أهم الرابحين من تراجع سعر اليورو، فهم الشركات التي تنتج بالعملة الأوروبية، حيث إنها تستفيد من انخفاض تكلفة التصدير، في مقابل تضررها لاسيما تلك العاملة في القطاعات الصناعية التقليدية، مثل: صناعة السيارات والطائرات..؛ كونها تستورد المواد الأولية من الخارج وبالتالي تدفع بالدولار، هذا بالإضافة إلى الشركات العاملة في قطاع الطاقة، التي تعتمد على الوقود والغاز؛ لأن التكلفة التشغيلية داخل سلسة الانتاج غدت مرتفعة جداً عليها. وبشكلٍ عام، وبهذه الصورة، سوف يصيب الضرر الأكبر الاقتصاد الأوروبي، كون ذلك سوف يزيد من رفع نسب التضخم في نهاية المطاف.

 

Email