دبي وحديث التميّز

بقدر ما تعتقد أن إمارة دبي أبهرت العالم في كل شيء حتى تظن أنه لم يبق لديها جديد، بقدر ما تفاجئك بين فترة وأخرى بأنها إحدى أهم مدن العالم في صناعة التميز، بل وإن أردت صناعة المعجزات التنموية التي تحمل مغزى بأن: الوصول إلى القمة لا ينبغي أن تكون النهاية وإنما المحافظة على القمة هي الهدف خاصة في زمن الجميع يتنافس على النجاح.

هذه الحقيقة أكدها قراران اثنان، صدرا مؤخراً، القرار الأول: مرسوم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بأن تكون المدينة مكان انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) عام 2023 ، وهو موضوع مهم عالمياً ويتوقع أن يحضر المؤتمر 45 ألف مشارك يومياً بينهم رؤساء دول وحكومات وقادة منظمات دولية وممثلو القطاع الخاص وأكاديميون وخبراء.

أما القرار الثاني: كان قد سبق القرار الأول عندما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله» في 20 يونيو الماضي تحويل موقع معرض إكسبو 2020 دبي إلى مدينة إكسبو دبي وأضفى بذلك أهمية وقيمة حضارية وإنسانية كبيرتين جعلت منها شيئاً آخر في التفكير التنموي المستقبلي. فهي بذلك أصبحت مدينة صديقة: للبيئة وللعائلات والتقنية وللاقتصاد، وهذا أمر برغم مفاجأته إلا أنه ينبغي أن يكون متوقعاً، فدبي مدينة صناعة الأحلام والنجاح.

دبي وحدها تسوق لنفسها كمدينة عالمية تجتمع فيها كل المقومات ومعايير التميز التنموي، فهي بمنأى عن الدعاية التي تستهدف توظيف الاستحقاق سياسياً أو إعلامياً، فتاريخياً هي شاهدة على استضافة التنوعات الإنسانية بكل اختلافاته، واقتصادياً هي عاصمة للأفكار الناجحة ولها تاريخها في الإقليم وصيتها العالمي، وثقافياً هي حاضنة للعديد من الأنشطة والمنتديات العربية والعالمية مثل منتدى الإعلام العربي ومكتبة محمد بن راشد والقرية العالمية التي تجمع بين التجارة والترفيه والثقافة.

كل شيء في دبي يروي في تفاصيله وثناياه قصة وحكاية، لذا فإن زائرها يشده الحنين إلى العودة من جديد أو البحث عن فرصة البقاء فيها، فهي من المدن القلائل جداً في العالم التي تتسع لكل الناس بمختلف أفكارهم.

كثيرة هي تلك القصص التي تصنع للناس الآمال المبهرة، حتى أن البعض يعتقد أن صناعة مستقبل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يبدأ من دبي ومن الإمارات عموماً التي غيرت من «حقيقة» المنطقة، وجعلت العالم كله يلتفت إلى ما يحدث هنا ليس خلال فترة إكسبو الذي انتهت فعالياته في مارس الماضي، وإنما من أيام غزو الفضاء وبناء المحطات النووية السلمية. واستحقت أن تكون أول مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستضيف الفعالية العالمية «إكسبو 2020 دبي» ، وبذلك دشنت فكرة استضافتها للآخرين خاصة بعدما نجحت من البداية إلى آخر يوم في إبهار العالم ، ومازالت تقدم الجديد فيه لخدمة الإنسانية من خلال استضافة القمة العالمية للمناخ فيه.

كل شيء في دبي يتنفس «تميزاً»، حيث ينتشر الإبداع الإنساني والرغبة في صناعة النجاح وكل مظاهر الحياة الإيجابية، وبسبب كثرتها لم تعد تعني جديداً لأهلها، فهي بمثابة يوميات متشابهة كما أن ازدحام التميز وتنوعه الاقتصادي والرياضي والتنموي لا يترك المجال للناس لأن يعبروا عن جميعه، فالكل مشغول بأعماله وبفرص النجاح والتربح، فهي ساحرة ولديها سرها الخاص في هذا المجال فأينما يتواجد الشخص فيها يجد جاذبية مختلفة عن مكان آخر.

العالم يقدر كثيراً ما يحدث في الإمارات من إنجازات، وهو تقدير مستحق لأنه يتصف بالشمولية في كل المجالات الحياتية، ولأنه يضع الإنسانية ومستقبله في الاعتبار، فلن تجد عملاً أو مشروعاً تقوم به الإمارات إلا وترى زاوية إنسانية فيه، وما تم الإعلان عنه في مدينة إكسبو دبي رمز لما نقوله عن هذه الإمارة وتميزها، وحين تتحرك مدينة بهذه الطريقة، فلا بد أن يكون الحديث عنها كله تميزها وأن تتحرك بالتالي في مستقبلها بثقة دون القلق من المنافسة.

 

* كاتب إماراتي