دبي والأمان المالي

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما لا شك فيه، أن الأزمة الاقتصادية «2007 - 2008»، والتي أحدثت ركوداً عالمياً وانهياراً في الأسواق المالية العالمية، نبهت المؤسسات الاقتصادية، على جميع المستويات، المحلية والإقليمية والدولية، لضرورة المراجعة المستمرة للتشريعات الاقتصادية، والعمل على سد الثغرات التي يحسن استغلالها ضعاف النفوس وذوي الميول الانحرافية، ما يستلزم جهوداً مضاعفة من قبل أجهزة الأمن الاقتصادي الوقائي، للتفوق على تلك الشبكات الرقمية، وإبطال مخططاتها الإجرامية.

ومن هذا المنطلق، أدركت قيادتنا الرشيدة، الأهمية القصوى لإصدار قانون يتصدى للمخاطر الاقتصادية. ففي أبريل من عام 2016، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بصفته حاكماً لإمارة دبي، قانوناً بشأن «مركز دبي للأمن الاقتصادي»، يهدف إلى الحفاظ على مكانة الإمارة مركزاً مالياً واقتصادياً عالمياً، ودعم استقرارها المالي، وحماية استثماراتها من الجرائم التي من شأنها الإضرار باقتصاد دبي، وإلى ضمان تطبيق أفضل الممارسات العالمية في أسواق المال المصرح لها بالعمل في الإمارة، ومواجهة المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمرون، ومكافحة الأنشطة الضارة بأسواق المال، إضافة إلى التنبؤ بالمخاطر والظواهر الاقتصادية، التي يمكن أن تمس الاقتصاد الوطني والمال العام في دبي، ووضع الحلول المناسبة لمعالجتها.

كما يعزز القانون من ثقة المستثمرين والمؤسسات المالية في اتخاذ الإمارة مركزاً لأعمالهم، كما يسهم أيضاً في ضمان سلامة القواعد والإجراءات والعمليّات المالية في الإمارة، وكذلك تشجيع الجهات المعنيّة على المشاركة الفعّالة في محاربة الأفعال التي تُشكّل مساساً بالأمن الاقتصادي، ومكافحتها، وتوعية أفراد المجتمع بمخاطرها.

ولعل من الثوابت، أن التخطيط الوقائي ينهض أساساً على الخطة الاستراتيجية المرتبطة بأهداف محددة، تنطلق من مفهوم راسخ، يرى «أن الوقاية من الجريمة، هي أساس مكافحتها»، ذلك أن المكافحة تبدأ بالوقاية، وتنتهي بالتأهيل الاجتماعي والرعاية اللاحقة. ومن جهة أخرى، يفترض أن تشتمل على خطط فرعية، يعهد بها إلى بعض الأجهزة المعنية بالبعد الوقائي، لرصد أي أفعال أو مخططات تهدد الاستقرار الاقتصادي.

وهنالك من يدعو لربط التخطيط الوقائي بـ «المرصد الاقتصادي»، الذي يشبه غرفة العمليات التي تقوم عبر الاستشعار عن بعد، بمتابعة سير الحراك الاقتصادي، وقياس معدلات النمو والتضخم والبطالة، باعتبارها من أهم المؤثرات على السياسة الاقتصادية، ثم على «الأمن الاقتصادي». ومن هذا المنطلق، وتلك التوجهات والمبادرات الأمنية، تصدرت دبي مُدن العالم في توفير الأمان المالي للمُتقاعدين، وكذلك في إدارة تركاتهم، وذلك بحسب نتائج «مؤشر أفضل المُدن للمتقاعدين»، الصادر عن شركة «فيولار» الألمانية المُتخصصة في الخدمات والمُستلزمات الطبية، بالتعاون مع شركة «ماجماتيك ريسيرش» البريطانية للأبحاث المتنوعة.

ويُعد المؤشر بمثابة دراسة تهدف إلى استقصاء أفضل المُدُن على مستوى العالم في جودة الحياة للمُتقاعدين، وذلك استناداً إلى أداء كل مدينة في عدد من المؤشرات الفرعية والمقومات ذات الصلة، ومن أهمها: جودة خدمات الرعاية الصحية التي توفرها المدينة للمُتقاعدين «الأمان المالي، إدارة الثروات والتركات، سهولة الحركة والتنقل، الاتصال بباقي مُدُن العالم، الأمن، وفرة السكن، وغيرها من المعايير».

وتصدرت دبي عالمياً في مؤشرين فرعيين ضمن المؤشر العام، وهما الأمان المالي، وإدارة التركات، فيما نالت المركز الأول بين مُدُن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والــ 14 عالمياً، على المؤشر العام المعني بجودة الحياة للمتقاعدين. وقال ديميترجس سابانوفز مدير شركة «فيولار»، تعليقاً على نتائج المؤشر: «غالباً ما يتأثر قرار الانتقال إلى مدينة أخرى للتقاعد فيها، بعوامل اجتماعية، كالأمن والسلامة، الأمان المالي والقدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية».

وقد كشف استطلاع للرأي، أجراه «البيان الاقتصادي»، أن غالبية القراء يعتبرون أن القوانين وسهولة الإجراءات، أهم عامل يجعل الإمارات أفضل بيئة للأعمال.

وأظهر الاستطلاع - عبر الموقع الإلكتروني لـ«البيان» - أن 37 % من المشاركين، يعتبرون القوانين وسهولة الإجراءات، أهم عامل في جعل الإمارات أفضل بيئة للأعمال، فيما رأى 29 % من المشاركين، أن السبب هو عامل البنية التحتية والرقمنة، بينما اختار 20 % من المشاركين، نمط الحياة. واختار 14 %، عامل انعدام الضريبة.

وفي الاستطلاع على صفحة «البيان»، بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، اختار 41 % من المشاركين، القوانين وسهولة الإجراءات، فيما اختار 27 %، البنية التحتية والرقمنة، بينما اختار 16 %، عامل نمط الحياة، كما ذهبت نفس النسبة إلى انعدام الضريبة. ما بقي قوله: إن تلك النتائج والمعطيات، وما سلف ذكره، ومما لا شك فيه، ساهمت بشكل جلي في صدارة دبي مدن العالم في توفير الأمان المالي للمُتقاعدين، وكذلك في إدارة تركاتهم، بحسب نتائج «مؤشر أفضل المُدن للمتقاعدين».

 

* كاتبة إماراتية

Email