حالة سلام للبشرية

تبقت أيام قليلة على الحدث الأكبر «إكسبو 2020 دبي»، والذي شكل حالة سلام للبشرية جمعاء، التفت حول الحدث، والذي ضم كل الأطياف والثقافات والاتجاهات السياسية، وتواصل العالم بعقوله وقلوبه لخير البشرية، ولا شك في أن الإمارات سوف تخرج بتجارب كثيرة مفيدة، عند استضافة فعاليات أخرى مشابهة، فما تكون لدينا من تجارب ومهارات نستطيع توظيفها في إنجاح فعاليات أخرى جديدة، فقد تطورت ثقتنا بأنفسنا وترسخت ثقة العالم بنا وبطاقاتنا الشابة، التي كان لها دور فعال في إنجاح حدث إكسبو، فما هي التجارب التي اكتسبناها، وما هي الفرص التي حصلنا عليها، وما هي النجاحات التي تحققت على أرضنا؟

على مدار ستة شهور تواصلت عقول العالم لتصنع مستقبلاً أفضل للبشرية، ولتجد حلولاً لقضايا تؤرق جميع البشر كالتغير المناخي والماء والغذاء والطاقة وكافة تحديات المستقبل الأخرى.

الروابط التي خلقت، والتواصل الذي حدث بين جميع دول العالم على أرضنا ومواكبة أحدث الابتكارات والأفكار لا شك سوف يكون ركيزة للتعاون من أجل مستقبل أفضل لجميع البشر.

خلال الشهور الستة الماضية كانت كل زيارة إلى إكسبو تعني فرصة جديدة ليس فقط للتعرف على ثقافة عالمية مختلفة، بل التعرف على الحلول الجماعية للتحديات، التي تواجه العالم والرؤى الاقتصادية، لما يجب أن يكون عليه اقتصاد المستقبل.

كل زيارة إلى إكسبو كانت تعني تجربة إنسانية جديدة، تربطنا نحن هنا في الإمارات بكافة دول العالم خاصة أن «إكسبو 2020 دبي» جاء بعد مرحلة مخاض هائل، مر بها العالم بعد جائحة كورونا، فقد جاء تنظيم إكسبو هذه المرة كنصر إنساني على ظروف الجائحة، التي أجبرت جميع من عاش على كوكبنا أن يتقيد بنظام محدد من ناحية الإجراءات الصحية والاشتراطات الأخرى، لذا، فتجربة إكسبو 2020 دبي سوف تظل عالقة في الأذهان لعشرات السنين بالنسبة لمعظمنا، لأنها أثبتت قدرة الإنسان على الانتصار على كافة المعوقات البيئة وإيجاد الحلول الناجعة لها. إن إكسبو 2020 سوف يخلف إرثاً هاماً لأجيال المستقبل، فقد سعى إلى إيجاد توازن بين التنمية المجتمعية والبيئة وخلق توازن بين الاثنين، من خلال شراكة مهمة وقائمة على التوازن دون الإخلال بأهداف وخطط كل طرف.

أثبت إكسبو أن تواصل العقول يصنع مستقبلاً أفضل للبشرية كافة، كما يخلق فرصاً جديدة للتعاون والسلام العالمي، في ظل رؤى مستقبلية واعدة وتعاون عالمي جدير بأن يسعى له الجميع، فالاقتصاد العالمي يصبح أكثر مرونة في ظل التعاون والتكامل، الذي يوفر الأمن الاقتصادي ويخلق الثقة بين البشر عوضاً عن التوتر، الذي يؤثر سلباً على العالم.

لقد وفر إكسبو للعالم أجمع فرصة التعاون والتكامل في جو من الألفة والتسامح، الذي ترعاه، وتسعى له دولة الإمارات. ولا شك في أن قيم الإمارات المشتقة من إرثها الصحراوي كان لها دور كبير في إنجاح الحدث، فهي دولة لم تعرف يوماً بأنها معتدية على أحد، تناصر المظلوم وتقف دوماً مع الحق، وتقوم مبادئها الخارجية على دعم الشعوب في تقرير مصيرها، ومساعدتها على الوقوف على قدميها.

في إكسبو رأى العالم دبي بالتحديد من منظور مختلف ومن جانب جديد، فقد تعود الزائر أن يرى دبي كمركز مالي واقتصادي عالمي ومحطة رئيسة للسياحة الأسرية الممتعة.

كما تعود العالم أن يرى في دبي كفسيفساء امتزجت فيها خلطة ديموغرافية سحرية، تقدمها دبي بطريقة فنية، تميزت بها هذه المدينة السحرية على مر العصور والأزمان، ولكن هذه المرة تجلت دبي في أبهى صورها لتقدم نفسها كمحطة للثقافة والإبداع والابتكار والتطلع نحو المستقبل بشغف، فقد قدمت دبي العالم بطريقة أخرى، امتزجت فيها الثقافة والإبداع والابتكار. هذه هي دبي التي لا تتوانى عن التفوق حتى على نفسها.

إن إسدال الستار على إكسبو 2020 دبي لا يعنى نهاية الفعاليات الكبرى، التي تنساب إلى الإمارات واحدة تلو أخرى، فما تملكه الإمارات من بنية تحتية وسياسات مرنة يمثل قوة جذب كبيرة، فالمعروف عن الإمارات أنها نقطة جذب كبرى في المنطقة واحتضان الإمارات لأي حدث هو في حد ذاته عامل مهم لنجاح الحدث، فالثقة الدولية في الإمارات قد ترسخت، وأصبحت معظم الفعاليات الكبرى تراهن على احتضان الإمارات لها، فيما لو أرادت إنجاح أي حدث.

الأكثر مشاركة