إبعاد الأجنبي في ظل المستحدث بالقانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتخذ المشرع الإماراتي توجهاً إيجابياً تجاه تدبير الإبعاد في الآونة الأخيرة فخفف من حدته وإلزاميته في بعض الجرائم والقضايا لاعتبارات إنسانية واجتماعية.

وتمثل ذلك التخفيف بداية بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 4 لسنة 2019 الذي ذهب إلى عدم جواز الحكم على الأجنبي بالإبعاد إذا كان زوجاً أو قريباً بالنسب من الدرجة الأولى لمواطن، ما لم يكن الحكم صادراً في جريمة من الجرائم الماسة بأمن الدولة، ويعد هذا التعديل الذي أقره المرسوم سالف الإشارة إليه ترجمة حقيقية لاستراتيجية الدولة التي تسعى إلى الحفاظ على وحدة الأسرة باعتبارها نواة المجتمع.

ولعل التغيير الأبرز فيما يخص الإبعاد كان بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية خاصة المادة 75 منه التي تنصت على أنه (تقضي المحكمة بإبعاد الأجنبي الذي حكم بإدانته في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا المرسوم، ويكون الحكم بإبعاد الأجنبي جوازياً في حالة إدانته في إحدى جرائم التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو الحيازة أو الإحراز بقصد التعاطي)، ففي النص الملغي كان الإبعاد وجوبياً في كافة الجرائم المعاقب عليها في القانون، أما بالتعديل الحالي فقد أصبح الإبعاد في جرائم التعاطي أو الاستعمال الشخصي أو الحيازة أو الإحراز بقصد التعاطي جوازياً للمحكمة لها أن تقضي أو لا تقضي به بما لها من سلطة تقديرية على حسب الثابت بالأوراق وظروف وملابسات كل قضية على حدة.

وقد جاء قانون العقوبات الجديد الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بتعديلات واضحة فيما يخص الإبعاد بوجوب الحكم بالإبعاد في الجنايات إذا حكم فيها بعقوبة مقيدة للحرية وفي الجرائم الواقعة على العرض سواء كان الحكم بعقوبة مقيدة للحرية أو بالغرامة، إلا أنه بشأن أحوال الإبعاد في الجنح الأخرى فقد ذهب المشرع إلى جواز الحكم بالإبعاد في حالة الحكم بعقوبة مقيدة للحرية فقط ويجوز الحكم بالإبعاد بدلاً من تلك العقوبة، لكن لا يجوز على الإطلاق الحكم بالإبعاد إذا حكم القاضي بالغرامة كعقوبة أصلية تخييرية إلا ما استثنى منها بنص خاص، وبإعطاء الفرصة للمحكمة بتقدير ملابسات القضية وإصدار حكمها بالإبعاد من عدمه قد أزال المشرع التناقض مع المادة (129) من قانون العقوبات التي نصت على أنه (لا يجوز أن توقع التدابير المنصوص عليها في هذا الباب على شخص دون أن يثبت ارتكابه لفعل يعده القانون جريمة، وكانت حالته تستدعي تطبيق هذا الإجراء حفاظاً على سلامة المجتمع، واعتبار حالته خطرة من عدمه تبين من أحواله أو ماضية أو سلوكه أو من ظروف الجريمة وبواعثها أن هناك احتمالاً جدياً لإقدامه على ارتكاب جريمة أخرى)، أي تطبيق مبدأ العقوبة يكون على قدر الجريمة وبما يتناسب مع حجمها، أي إذا كان سجل المتهم يخلو من أي سوابق ولا يمثل خطورة إجرامية فلا يوجد هناك داعٍ للحكم بإبعاده، واستناداً لما سبق يحق للمتهم الصادر بحقه حكماً جزائياً مقترناً بتدبير الإبعاد في قضايا تعاطي المخدرات المطالبة بتطبيق القانون الأصلح للمتهم طبقاً لنص المادة 14 من قانون العقوبات.

Email