قاعدة الأمن القومي العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هنا على شاطئ المتوسط، قال التاريخ كلمته، الدلالة في الزمان والمكان، حضور عربي رفيع المستوى، الجغرافيا تنحاز للأمن القومي العربي، الرئيس عبد الفتاح السيسي مع أشقائه العرب في مشهد يؤكد روح العروبة، المصير واحد والتحديات مشتركة، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة يصطحب أحفاده، رسالة تاريخية بتوقيع المستقبل. قال عبر تويتر: «مصر بقيادة أخي عبد الفتاح السيسي تشهد إنجازات بارزة في مختلف القطاعات الحيوية، كل التوفيق للشعب المصري الشقيق في مسيرته نحو البناء والتنمية، وسعدت بحضور افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية المصرية في منطقة جرجوب».

العلاقات التاريخية المصرية – الإماراتية، ضاربة بعمق في جذور الوطنية، الأهداف واضحة، لا بديل عن الاستقرار واستعادة الأمن في العواصم العربية، أي إنجاز عسكري استراتيجي مصري يصب في الصالح العام العربي، وفي المقابل أية هزات في جغرافيا الاستقرار العربي قطعاً، سيكون لها ارتدادات في المنطقة بأكملها. قدر مصر مرهون بقدر أمتها، الالتفاف حول وحدة المصير أقصر الطرق إلى مجابهة التحديات، ولنا تجربة في موجات الفوضى التي اكتوت بنيرانها الشعوب العربية إبان ما يسمى بالربيع العربي. الاستفادة من دروس الماضي وثيقة نجاح أمام اختبارات المستقبل. لا يجب أن يُلدغ العرب مرتين. العالم يعيد حساباته تجاه المنطقة، وفق منسوب الوحدة والتماسك العربي.



الحدث عنوانه «افتتاح قاعدة الثالث من يوليو البحرية»، التاريخ فاصل في مصير هذه الأمة، دلالة هذا التاريخ أحيت بداخلنا القدرة على استعادة الأمة وهويتها التي كانت على الحافة، السبت الماضي جاء الحدث بمثابة بيان جديد، يؤكد شطب الجماعة الإرهابية من خريطة المنطقة بعد تجربتها الظلامية، التي لا تزال آثارها تلقي بظلال سيئة.

هنا شمال غرب مصر حضرت وفود الدول العربية، لتشارك مصر في استكمال منظوماتها الاستراتيجية في افتتاح قاعدة حماية الأمن القومي العربي، مناورات السلام تحتاج إلى مثل هذه القوة، المناورة «قادر 2021»، قالت الرسالة بوضوح إلى من يهمه الأمر.

قاعدة 3 يوليو البحرية قاعدة متكاملة تتحد فيها جميع مقومات التدريب والقدرة القتالية العالية. مجابهة التحديات على كل الاتجاهات. اختيار الموقع له معنى استراتيجي، فالقاعدة بمنطقة جرجوب على ساحل البحر المتوسط بين مدينتي مطروح وسيدي براني وعلى مسافة نحو 179 ميلاً من الإسكندرية لتخدم كل من الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي بما يخدم أهداف وخطط القوات المسلحة الحالية والمستقبلية.

هذه القاعدة التي تأتي في التوقيت المهم، تختص بتأمين البلاد في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي، وصون مقدراتها الاقتصادية وتأمين خطوط النقل البحرية، والمحافظة على الأمن البحري باستخدام المجموعات القتالية من الوحدات السطحية والغواصات والمجهود الجوي.

الالتفاف العربي حول افتتاح هذه القاعدة ذات الإمكانات الحديثة له رسائله المهمة والعميقة التي تقول إنه وسط التحديات التي تموج بها المنطقة، فإن مصر جاهزة للوقوف بجانب أشقائها العرب في مواجهة أية أخطار محتملة، وذلك تأكيد لتعهد القيادة السياسية المصرية برسالة «مسافة السكة»، وأن الثالث من يوليو الذي وضع خطاً أحمر لحكم الجماعة الإرهابية لا يزال ساري المفعول وحاضراً بقوة ليواصل التفويض بتجفيف منابع هذه التنظيمات الإرهابية من المنطقة بأكملها، فضلاً عن أن الموقع الجيوسياسي للقاعدة البحرية العسكرية يقول، إن حماية الأمن الليبي لا ينفصل عن أهمية الحفاظ على الأمن القومي المصري، ومن ثم الأمن القومي العربي. الرسائل واضحة وعميقة وعلينا نحن العرب أن نرسم ونحدد خطوطنا الحمراء حتى لا نعطي لأحد فرصة أن يجربنا مرة ثانية.

*رئيس تحرير «الأهرام العربي»

Email