نذر مواجهة مديدة بين نيجيريا و«تويتر»

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما أعلنت نيجيريا في وقتٍ سابق من الشهر الجاري، أنها ستعلّق استخدام منصة «تويتر» الشهيرة للتواصل الاجتماعي داخل البلاد، أعلنت ذلك في ما يبدو، ومن دون أدنى سخرية، عبر «تويتر» نفسه!

وأعلن النائب العام النيجيري أنه سيقاضي أي شخص يستخدم المنصة داخل نيجيريا. ولكن على الرغم من ذلك، يبدو أن «تويتر» ذائع الانتشار في نيجيريا، التي اعتاد أهلها المناقشات الحادة، إلى درجة أن العديد من النيجيريين لا يزالون حتى الآن يستخدمون المنصة، حتى بعد قرار التعليق، وذلك باستخدام شبكات خاصة افتراضية.

ويُرجّح المراقبون أن نيجيريا اتخذت قرار حظر «تويتر» كإجراء انتقامي، بعد أن حذفت المنصة أخيراً تغريدة للرئيس النيجيري، محمد بوهاري، بدعوى أنها تحريضية. ولكن أياً ما كان السبب الحقيقي وراء قرار الحظر، فإن القرار في حدّ ذاته يطرح تساؤلات يصعب الإجابة عنها بشأن السلطة السيادية للدول ومنصات التواصل الاجتماعي، مثل «تويتر»، و«فيسبوك»، و«انستغرام».

فمنذ أن حظر «تويتر» الحساب الشخصي على المنصة للرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في يناير الماضي بسبب تغريداته التي عدّتها إدارة المنصة تحريضاً لأنصاره على ما قاموا به من أحداث اقتحام مقر الكونغرس الأمريكي «كابيتول»، والتي وقعت في الشهر نفسه، تصاعدت التوقّعات بشأن اتخاذ «تويتر» إجراءات مماثلة في بلدان أخرى.

ومن المؤكد إلى حدّ اليقين أن المواجهة الحالية بين «تويتر» وبوهاري، الذي يبلغ عدد متابعي حسابه الشخصي عبر المنصة 4.1 ملايين شخص، تُنذر بحروب نفوذ على الفضاء الافتراضي بين «تويتر» وقادة آخرين ممن عُرفوا بتوجهاتهم الصِدامِية وإثارتهم الجدل، أمثال الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو «6.7 ملايين متابع»، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان «17.8 مليون متابع»، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي «68.8 مليون متابع».

إنه الصراع الذي وصفه جبينجا سيزان، المدير التنفيذي لمنتدى «بارادايم اينشيتيف» للحقوق الرقمية بالصراع بين «الأمة السحابية» و«الأمة الدولة». وقد يشهد هذا الصراع اصطفاف العديد من المواطنين - برغم تحفظاتهم في بعض الأحيان على اختراق مواقع التواصل الاجتماعي لحدود الدول - بجانب القواعد المفروضة من «وادي السيليكون» في كاليفورنيا، بدلاً من وقوفهم بجانب القواعد التي تفرضها المجالس النيابية في بلدانهم.

وكان «تويتر» قد عدّ تغريدة بوهاري، التي نشرها الأسبوع الماضي، انتهاكاً لقواعد المنصة، إذ توعّد فيها بإجراءات قمعية عنيفة، وقارن بين الاضطرابات التي تشهدها نيجيريا، بسبب حركات انفصالية وحرب «بيافرا» الأهلية التي اندلعت في البلاد، في نهاية حقبة الستينيات من القرن الماضي، وأودت بحياة نحو مليون مواطن نيجيري، العديد منهم مات جوعاً.

وقال بوهاري في تغريدته التي حذفتها «تويتر» لاحقاً: «ربما يكون العديد ممن يسيئون السلوك أصغر كثيراً من أن يتذكر الدمار وفقدان الأرواح في الحرب الأهلية النيجيرية». وأضاف: «ومن منا شهد هذه الحرب، سيتعامل مع هؤلاء باللغة التي يفهمونها».

وعدّت «تويتر» تغريدة بوهاري انتهاكاً لسياساتها التي تحظر أي محتوى ضمن التغريدات يشجّع «الرغبة في الموت، الإيذاء الجسدي الجسيم أو المرض الخطير ضد شخص أو مجموعة من الأشخاص».

وعليه، كان قرار المنصة حذف تغريدة بوهاري، وجاء رد الأخير بحظر استخدام المنصة داخل نيجيريا. وتشكو الحكومة النيجيرية من حذف «تويتر» تغريدة بوهاري، بينما يوجد أناس عديدون تعدّهم الحكومة إرهابيين يغردون بحرية تامة عبر المنصة حتى الآن.

أياً من كان على صواب في هذه المواجهة بين «تويتر» ونيجيريا، فيقيناً هناك نتيجتان ستتمخضان عنها: الأولى أنه لن يتقبل أحد فكرة أن يكون لشخص أمريكي مهما كانت مواهبه في التقنية مصداقية داخل نيجيريا أكثر من رئيسها، وهذا ما سيقودنا إلى النتيجة الثانية وهي أن المزيد من المواجهات المماثلة بين «تويتر» من جانب، وقادة وحكومات بعض الدول، من جانب آخر، باتت وشيكة.

 

 

 

Email