3 عوامل تحكم فرص الانتعاش الاقتصادي بمنطقة الخليج في 2021

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك في أن 2020 كان عاماً استثنائياً بكل المقاييس، حتى في منطقة الخليج. لكن بعد التوصل إلى إنتاج عدة لقاحات في نهايته، فما هي الآفاق التي تنتظرنا في عام 2021؟

وباعتقادي فإن التوقعات التي تتناول دول مجلس التعاون الخليجي ترتبط بتطور 3 عوامل رئيسية، هي التقدم المحرز في مكافحة الفيروس، ونمو أسواق المال والائتمان، وتوقعات سوق النفط.

أولاً، إن توزيع لقاحات على نسبة كافية من سكان العالم للسماح بعودة المستهلكين والشركات إلى الحياة الطبيعية، قد يستغرق النصف الأول من عام 2021 وربما فترة أطول في بعض البلدان.

وكعادتها، تحركت الأسواق المالية، ومنها أسواق الأسهم مثلاً، مستبقة الأحداث - والحدث في حالتنا هنا هو نجاح إنتاج اللقاح وتوزيعه على نطاق واسع - بارتفاع متوسط مؤشر داو جونز الصناعي والمؤشرات الرئيسية الأخرى إلى مستويات جديدة في الولايات المتحدة.

وإذا وافقنا على رأي المستثمرين في هذه الأسواق، فإن المستقبل يبدو واعداً بعد انقضاء عدة أشهر، وهي الأشهر التي يستمر فيها الفيروس بإصابة السكان، وتستمر ضرورة فرض قيود على الحركة والتجمعات.

ثانياً، إن الدعم النقدي والمالي الذي تتلقاه الاقتصادات التي تعاني من موجات الوباء يُعدّ أمراً بالغ الأهمية لضمان انتعاش معظم القطاعات بسرعة حال انحسار الفيروس.

ففي الاقتصادات المتقدمة، كان الدعم المالي من الحكومات للشركات والأفراد الذين طُلب منهم وقف نشاطهم الاقتصادي مذهلاً تماماً من حيث حجمه وسرعة تسليمه، إلا أن اقتصادات ناشئة عدة لم تتمكن من تقديم مثل هذا الدعم، لأن أسواق الائتمان فيها لا تتمتع بقدرات نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة.

وبالإضافة إلى ذلك، من الصعب تقييم البيانات المالية، لأن البرامج الحكومية تتألف من مجموعة واسعة من المنح والقروض والتأجيلات الضريبية وإعفاءات الإيجارات وضمانات القروض، وهي نفقات فعلية ومحتملة قد تشكّل أو لا تشكّل عبئاً على الدولة في نهاية المطاف.

أما الدعم النقدي فيمكن تقييمه بسهولة أكبر. والطريقة الأدق لقياس التحفيز هي تجاهل انخفاض أسعار الفائدة (التي يمكن أن تكون مقياساً مضللاً للغاية في التسهيلات النقدية)، والالتفات إلى معدلات نمو المقاييس الرئيسية للنقد والائتمان. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، نمت السيولة المحلية (M2) بنسبة كبيرة بلغت 23% مقارنةً بمستواها في العام السابق.

وهو أعلى معدل نمو في تاريخ الولايات المتحدة في زمن السلم، وذلك بفضل برامج المجلس الاحتياطي الفيدرالي للقروض وشراء الأصول. ونما الناتج المحلي الإجمالي الاسمي (الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية)، بمعدل يقارب المعدل السنوي لنمو السيولة المحلية خلال العامين الماضيين. لكننا شهدنا في هذه الحالة ضخّاً كبيراً جداً للأموال في زمن قصير جداً، بين شهري مارس ويوليو 2020.

وبعد ذلك، عاد إلى معدل نموه الطبيعي الذي يتراوح بين 5 إلى 10% سنوياً، وهذا يعني أنه على مدار عامين سيكون صافي الزيادة في الإنفاق الجاري في الولايات المتحدة أكثر تواضعاً مما توحي به نسبة 23%، ربما بحدود 12% اعتماداً على ما يتوقع حدوثه في العام المقبل. ومع ذلك، فإن هذا يشير إلى انتعاش قوي في النصف الثاني من عام 2021.

وبتطبيق هذين الاعتبارين على الإمارات، نجد أن نمو السيولة المحلية (M2) يصل تقريباً إلى 10% سنوياً، لكن نمو الائتمان للقطاع الخاص كان أبطأ. وعموماً، فإن الانتعاش في منطقة الخليج في عام 2021 سيعتمد كثيراً على عوامل خارجية، مثل السياحة وتعافي قطاع الطيران العالمي.

العامل الثالث هو سوق النفط، فقد شهد عام 2020 اضطراباً واسعاً في هذا السوق، وبدأ العام بهبوط لأسعار النفط تسببت به بالدرجة الأولى مخاوف الركود والمخاوف التجارية وفائض العرض الناجم عن إنتاج الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة. ويمكن القول إن لجائحة (كوفيد19) الأثر الأكبر على الإنفاق الاستهلاكي والطلب الكلي، اللذين بدورهما يؤثران بشدة على سوق النفط.

ولذلك انخفضت أسعار النفط عندما بات واضحاً أن (كوفيد19) سينتشر على نطاق عالمي. وحدث ما لم يكن بالحسبان عندما انخفضت أسعار النفط في العقود الآجلة إلى ما دون الصفر وبلغت -38 دولاراً للبرميل على مدار يوم 20 أبريل 2020، بسبب القيود اللوجستية التي تحول دون تخزين كميات كبيرة من النفط.

إضافة إلى الطلب المقيّد بشدة. إن رؤية تحسن ملحوظ في أسعار النفط تتطلب عودة الاقتصادات الرئيسية إلى مقاربة معدلات نموها الطبيعية خلال عام 2021، وعودة المستهلكين إلى ما يشبه أنماط حياتهم السابقة، مما يرفع الطلب على الوقود. وبرأيي، فإن الولايات المتحدة والصين في طريقهما لمثل هذا التحسن، لكن أوروبا واليابان قد تشهدان انتعاشاً أقل.

 

كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة إنفيسكو

 

 
Email