مواقف في حياة خميس المزينة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الذكرى الرابعة لوفاة الفريق خميس مطر المزينة، رحمه الله، لا تزال ذاكرتي تستحضر خيمة العزاء وشدة ازدحامها من قبل قيادتنا الرشيدة وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين والسفراء والقناصل وضباط الارتباط في السفارات الأجنبية وعدد غفير من المواطنين والمقيمين بمختلف جنسياتهم الذين جاؤوا للتعزية.

ما كان يلفت الانتباه وتستدعيه الذاكرة العلاقة الطيبة الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة بين جهاز الشرطة والمواطنين والمقيمين فهي علاقة مشتركة في خدمة الوطن ونشر الأمن والأمان.

خميس مطر المزينة استطاع أن يعزز هذا المفهوم وأن الشرطة كما أرساها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ونفذها الفريق خميس المزينة «قوية لا سلطوية»، وأن الأمن خدمة تقدم ولا تفرض على الناس.

خميس المزينة قائد تمتع بالذكاء والفطنة وحسن المتابعة أذكره زميلاً في المدرسة وفي سنوات الجامعة ومديراً ومسؤولاً مباشراً في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية وتحضرني هنا حنكة الفريق خميس في قضية من قضايا غسل الأموال حينما كان مديراً للإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية فحدث أنه وأثناء متابعة ومراقبة العصابة الإجرامية المنظمة التي كانت ناشطة في كثير من الدول ولها امتداد محلي من خلال بعض الأشخاص الذين يقومون باستلام عوائد الجريمة وغسلها وكانت المتابعة ممتدة منذ فترة طويلة من الزمن وحدث أن الشرطة في إحدى الدول الأوروبية التي قمنا بالتنسيق معها مسبقاً وأعلمناهم بما يخصهم من نشاط العصابة قامت بإلقاء القبض على مجموعة من الأشخاص في قضية مخدرات وغسل الأموال وتبين لهم أن هؤلاء الأشخاص على صلة بالمجموعة المتواجدة في دبي وقاموا بنشر الخبر في وسائل الإعلام وتناقلته وكالات الأنباء بأنه قد تم القبض على العصابة ويجري التنسيق مع شرطة دبي لإلقاء القبض على بقية أفرادها في دبي وكان ذلك الإعلان قد نسف جهودنا ومتابعة لأكثر من 15 شهراً تقريباً في البحث والتحري وجمع الاستدلالات وأعطى إنذاراً وتنبيهاً لأفراد العصابة للهرب خوفاً من القبض عليهم حيث قامت العصابة بإنهاء أعمالها وتدمير ما كانت تراه دليلاً وبدأت بترتيب مغادرة الدولة.

وكانت المسألة هل يتم القبض عليهم والاكتفاء بالأدلة المتوافرة لدينا أم السماح لهم بالمغادرة وكأننا لسنا على دراية بالخبر حيث كان الأمر بحاجة إلى رأي ثاقب يزن الأمور فكان قرار الفريق خميس السماح لهم بالمغادرة وأنهم سيعودون بيقين منه فكانت فراسته في محلها، حيث عاد أفراد العصابة إلى دبي بعد شهر من مغادرة الدولة وبدأوا بممارسة نشاطهم الإجرامي على عهدهم السابق، فأحيا بقراره العملية من جديد ونتج عن ذلك القبض على أفراد العصابة في دبي، وفي كثير من الدول كونها جريمة منظمة عابرة للحدود، وسميت العملية بـ«السرطان» لامتداد جذورها في مختلف دول العالم.

وأذكر الفريق خميس في تخريج دورة في الاتجار بالبشر، وكنا قد أعددنا له كلمة يلقيها بصفته راعي الدورة إلا أنه لم يلتفت إلى الكلمة المكتوبة وارتجل كعادته وبين للحضور مخاطر جريمة الاتجار بالبشر وإجراءات الشرطة في مثل هذه القضايا إلى أن انتهى، وكانت كلمته ليست كالكلمات بل أشبه بالمحاضرة ولم يبخل على المشاركين من عميق ما يعلم حتى أثنى على ذلك المحامي العام المستشار علي بن خاتم رئيس المكتب الفني في النيابة العامة بدبي الذي كان حاضراً على منصة التخريج.

كنا نجده في اجتماعات التقييم الدورية التي تعقد في الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية لمتابعة معدل الجرائم وسير العمل. كم كان دقيقاً ويبحث في تفصيل التفصيل ويسأل عن البرامج والإجراءات المتخذة من قبل مراكز الشرطة والإدارات الفرعية في التحريات.

صفحة خميس مطر المزينة مليئة بالإنجازات ومهارات القيادة واتخاذ القرارات الجريئة. كان قائداً طموحاً قارئاً جيداً لأفكار سيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتلميذاً فطناً لمعالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي.

كان قائداً لكل مرتب الشرطة احتوى الجميع في مفهوم الشرطة والأمن والعدل والقانون والنظام.

صنع وكتب تاريخه بيده ونقرأه نحن الآن تفكيراً وسمعاً وقراءة ومشاهد، رحل واقفاً وفي ذروة عطائه ولكن إرادة الله فوق كل إرادة حيث قال تعالى: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ}.

ففي مساء يوم الخميس الموافق 24 نوفمبر 2016 انتقل خميس مطر المزينة إلى رحمة الله، وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها، ليستلم راية القيادة من بعده قائد جديد.

ففي الأول من مارس من عام 2017 عين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، معالي اللواء عبدالله خليفة المري قائداً عاماً لشرطة دبي وأسعد باختياره مرتب القوة لما يتميز به من دماثة الخلق والتواضع والابتسامة التي لا تفارق محياه إلى جانب مهارات القيادة التي يتمتع بها.

من يعرف معالي الفريق عبدالله المري يتحدث عن قائد غير تقليدي يعمل في سبيل تطوير العمل، وتحقيق متطلب المركز الأول وخدمة الـ7 نجوم ففي أعوامه البسيطة التي لم تتجاوز الـ3 سنوات أصبحت شرطة دبي تتحدث الذكاء الاصطناعي وأصبح لدى شرطة دبي مراكز شرطة ذكية من دون موظفين وأدخل معاليه الكثير من المفاهيم والتطبيقات الإدارية الحديثة.

 

 

Email