يتفق علماء النفس والدارسون للفروق الفردية على أن هناك قلة من البشر منحهم الله، عز وجل، قدرة على الخلق والابتكار، ومن ثم ابتداع مبادرات خلاقة، تضيف جديداً لمجتمعاتهم الإنسانية. ومما لا شك فيه أن التقدم العلمي والفكري والحضاري في شتى مناحي الحياة، يدين لأفراد أسهمت مبادراتهم وإسهاماتهم الإنسانية والأخلاقية في ازدهار الحياة وتقدم المجتمع، الذي ينتمون إليه ويعيشون فيه، وأيضاً في تقدم وازدهار المجتمعات الأخرى.
في عام«2015» أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لأبناء الوطن العربي، من المحتاجين والمحرومين والمقهورين، الذين يرزحون تحت وطأة الحروب والنزاعات، ويعانون من حرمان أدنى الخدمات الإنسانية الضرورية الملحة، مبادرة إنسانية متميزة؛ تعد «أكبر برنامج تنموي شامل في المنطقة العربية»، وهي «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، المؤسسة الإنسانية التنموية المجتمعية، التي تجمع تحت مظلتها 28 جهة ومؤسسة، تعمل في مجالات مكافحة الفقر والمرض، ونشر المعرفة والثقافة والتمكين المجتمعي والابتكار في المنطقة، وتنفذ مجتمعة أكثر من 1400 برنامج إنساني وتنموي في 116 دولة حول العالم.
وتستهدف «مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية» أكثر من 130 مليون إنسان، وتركز في برامجها على المنطقة العربية، في أكبر برنامج تنموي شامل في منطقتنا العربية، يركز على التنمية الإنسانية بشكل متكامل، ويبدأ من توفير الاحتياجات البشرية الأساسية، من صحة ومكافحة الأمية والفقر، مروراً بتوفير المعرفة ونشر الثقافة وتطوير التعليم، والعمل بشكل متواز على تطوير جيل من القيادات العربية الشابة، ودعم تغيير حقيقي في مجال الحوكمة الرشيدة في المنطقة، وانتهاء بتوفير أكبر حاضنة للمبتكرين والعلماء، ويترأسها سموه شخصياً، وذلك إدراكاً ووعيا من سموه أن العالم اليوم أصبح يواجه تحديات كبيرة بسبب «الإرهاب والهجرة غير المأمونة والنزاعات والحروب الدائرة في محيطنا العربي» وأن الحل الأمثل لما يجري من حولنا يستوجب علينا المساهمة الحقيقية الفعلية بمساعدة الإنسان في «دائرة الصراع العربي»، والذي مما لا شك فيه هو المتضرر الأكبر من جراء ما يحدث في ظل تلك المآسي، لأنه عرضة لتلك المشاكل التي فرضت عليه طوعاً، وصار لزاماً إنسانياً وواجباً أخلاقياً علينا من منطلق عروبتنا وقيمنا العربية الأصيلة، مد يد العون ومساعدتنا له بتوفير كل احتياجاته الأساسية من تعليم وغذاء وعلاج وغيره من خدمات ووسائل برامج التنمية الاجتماعية، التي تعينه وتقويه على ما يواجهه من تحديات ومصاعب جراء الأزمات الدائرة والمتعايش معها وفي محيطها بشكل يومي.
وأكد سموه حرصه على زرع الأمل في طريق شباب منطقتنا العربية قائلاً: «منطقتنا العربية تمر بتحديات ضخمة، ولن ندير ظهرنا لما يحدث لمنطقتنا، بل سنكون لهم عوناً، وسنزرع للشباب أملاً».
وفي فبراير من العام 2017 أطلق سموه مبادرة «صنّاع الأمل»، والتي تهدف بشكل رئيسي إلى إلقاء الضوء على ومضات الأمل المنتشرة في عالمنا العربي، وتعد أكبر مبادرة عربية تهدف إلى تكريم البرامج والمشاريع والمبادرات الإنسانية والمجتمعية، التي يسعى أصحابها من خلالها إلى مساعدة الناس دون مقابل؛ بنشر الأمل وترسيخ قيم الخير والعطاء، وتعزيز الإيجابية والتفاؤل، وتحسين نوعية الحياة في مجتمعاتهم، والتي لمع من خلالها رجال ونساء من مختلف الأعمار عملوا بروح متفانية وقلوب نقية، من أجل خدمة مجتمعاتهم ورفعة أوطانهم، وإيماناً وتقديراً للجهود الإنسانية والخيِّرة المبذولة، قامت المبادرة بتكريمهم، وذلك لأجل دعمهم مادياً ومعنوياً، وإبراز دورهم الفعّال للمجتمع، لكي يواصلوا مسيرتهم المعطاءة، التي تسهم في بناء مجتمع ينعم بالرقي والازدهار في مختلف المجالات كالصحة، والتعليم، والعمل الشبابي، والعمل التطوعي لخدمة وصالح مجتمعاتهم، والتي خصص ريعها في هذا العام لمشروع إنساني عربي يحيي القلوب ويقدم العلاج مجاناً.
وقد قلّد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، البروفيسور العربي المصري مجدي يعقوب، وشاح محمد بن راشد للعمل الإنساني، تقديراً وعرفاناً لما يقدمه يعقوب من جهود وإنجازات حضارية في مجالات العمل الخيري والإنساني ولإنجازاته الطبية والعلمية، التي منحت على مدى أكثر من 50 عاماً الأمل والحياة للملايين من مرضى القلوب حول العالم.
هذه هي دولة الإمارات، أقامها المؤسسون على عمل الخير، ولن يتوقف أخلافهم عن إطلاق مبادرات العطاء ومساعدة الآخرين، لأنهم تربوا ونشأوا على قيم إنسانية أخلاقية عربية أصيلة، داعية لعمل الخير والتآزر والتراحم وإغاثة الملهوف أينما وجد، حفظ الله دولة الإمارات قيادة وشعباً، وكل مقيمم على أرضها، وقدر- بإذنه تعالى- قادتها على عمل الخير والإحسان دوماً وأبداً.