يحتاج العالم إلى التعاون وتحكيم العقل لمواجهة الوباء

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما هو معلوم للجميع اتخذت حكومة الصين إجراءات صارمة لم يسبق لها مثيل منذ انتشار وباء الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد وذلك لمنعه ومكافحة انتشاره، والكثير من هذه الإجراءات تجاوزت ما نصت عليه مقترحات منظمة الصحة العالمية واللوائح الصحية العالمية، وجهود منع ومكافحة انتشار الوباء تحقق نتائج تدريجية.

فعلى الصعيد الصيني الداخلي هناك معطيان يعكسان نتائج جهود منع ومكافحة انتشار الوباء وهما: تجاوز عدد الحالات التي شفيت من الإصابة وعدد الوفيات ابتداء من الأول من فبراير الجاري، والمعطى الثاني هو التراجع اليومي لعدد الحالات التي تم تشخيصها باستثناء مقاطعة هوبي.

أما على الصعيد الدولي فإن عدد الحالات التي تم تشخيصها على المستوى العالمي خارج الصين بلغ 153 حالة وفق تقرير منظمة الصحة العالمية حول الوباء الذي نشر في 3 فبراير الجاري، لا تمثل نسبة 1% من عدد الحالات داخل الصين.

ويعود الفضل إلى الإجراء الحاسم المتمثل في عزل مدينة ووهان بكاملها في جعل جهود منع ومكافحة انتشار الفيروس تكلل بنتائج مثمرة في عموم الصين التي كانت أول من تعرض لهجوم الفيروس، حيث لم تظهر حالات انتشار مركزة وجماعية، لذلك فلا شك أن السيطرة على التطور المتفرق للوباء في الدول الأخرى سيكون أسهل وأفضل.

الفيروس لا يعرف الإنسانية لكن الإنسان يتحلى بإنسانيته، وعلى مدى أيام متتالية عبرت مختلف الجهات في الإمارات عن دعمها للصين بطرق مختلفة، فقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي عن ثقته في قدرة الصين على التغلب على هذه الأزمة، كما عبر عن استعداد الإمارات لتقديم أنواع مختلفة من الدعم للصين.

وفي 3 فبراير الجاري أصدرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإماراتية بياناً أكدت فيه استعداد الإمارات للعمل جنباً إلى جنب مع الصين للتصدي لوباء الالتهاب الرئوي الناتج عن فيروس كورونا الجديد، كما أن العديد من المعالم في الإمارات مثل برج خليفة والمقر العام لشركة أدنوك بأبوظبي وغيرها، أضيئت كلها بالعلم الوطني الصيني وحملت أيضا عبارة «شدي الحيل ووهان».

ومن جهة أخرى أشادت عدد من وسائل الإعلام الرئيسية في الشرق الأوسط بما في ذلك الإمارات بالجهود التي تبذلها الصين للتصدي للوباء، وفي هذه اللحظات الصعبة فإننا نعبر عن خالص شكرنا للحكومة والشعب الإماراتيين الصديقين على دعمهما الثمين.

وأمام أزمة الوباء الطارئة فإن الصين تتفهم الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول مؤخراً والمتعلقة بدخول المواطنين الصينيين إلى أراضيها أو تعزيز إجراءات الفحص والوقاية وغيرها من الإجراءات، لكن الصين تأمل أن تطابق الإجراءات التي اتخذتها هذه الدول مقترحات منظمة الصحة العالمية، حيث يجب ألاّ يتجاوز ذلك الحدود المنطقية وتفادي أن يؤثر سلباً على سلاسة حركة الأفراد والتعاون العملي في مختلف المجالات، ومنظمة الصحة العالمية لا توافق بل تعارض حظر السفر على الصينيين وردة الفعل المفرطة غير الضرورية، وتأتي مقترحات منظمة الصحة العالمية بغية تفادي تبني ردة فعل مفرطة قد تلحق الضرر بالاقتصاد العالمي، وتفادي عرقلة تشارك المعلومات وإعاقة الإمدادات الطبية.

ومما لا جدال فيه أن الفيروس مخيف بيد أن الأكثر رعبا هو الشائعات وحالة الهلع، فقد صرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم بأن: «هذه اللحظة تتطلب الحقيقة بدلاً من الهلع، هي لحظة تحتاج إلى الجهد العلمي بدلاً من الشائعات، وهي لحظة تحتاج إلى الاتحاد بدلاً من الإهانة» فمقترحات وأحكام منظمة الصحة العالمية تُبنى على الحقائق.

وفي ظل ما تبذل الصين من جهود دؤوبة فإن نسبة الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي الذي يسببه فيروس كورونا الجديد في الصين منخفضة جداً حيث تبلغ 2.1% فقط.

وقد أعلنت الحكومة الإماراتية ووزارة الصحة أن الوباء تحت السيطرة في الدولة، فيتوفر الظروف الصحية في الإمارات التي تخولها القدرة على التصدي للوباء.

من خلال تصدي الصين لهذا الوباء الكبير ستتراكم تجارب عملية وتحسن من مكامن الخلل في نظام منع ومكافحة انتشار الأوبئة.

الوباء لا يعرف حدوداً، وأمام أزمة الصحة العمومية يتعين على كل الدول الالتزام بالتوجيهات لمنظمة الصحة العالمية والتصدي له بعقلانية وتحقيق الوحدة والتنسيق المشتركين والعمل معاً على التغلب على الصعوبات، وهو ما يتماشى مع المصلحة المشتركة للعالم. إننا على ثقة تامة من أن الوباء حدث مؤقت، أما التعاون بين دول العالم فهو عمل دائم.

Email