الإدارة الحكومية إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لو كانت الإدارة العربية جيدة لكانت السياسة العربية جيدة والاقتصاد العربي جيداً والإعلام العربي جيداً والخدمة الحكومية جيدة» - محمد بن راشد آل مكتوم- يرتبط نجاح الحكومات بالإدارة الناجحة:

إدارة الموارد، وإدارة الوقت، وإدارة العمليات الإنتاجية. وغير ذلك مما يرتبط بمفاصل العمل الحكومي.

وذلك لأن الإدارة هي القدرة على تحقيق الأهداف من خلال استثمار الموارد البشرية والإمكانيات المتاحة بأفضل الطرق، وبالتالي الوصول إلى النجاح المنشود الذي يعتمد أساساً على تحقيق الأهداف.

وقد حققت الإدارة الحكومية في دولة الإمارات العربية المتحدة نجاحات كبيرة أوصلتها إلى العالمية في الأداء والخدمة وثقافة التميز والإبداع في العمل.

لكن ذلك لا يعني الوقوف عند هذا الحدّ والاكتفاء بالإنجازات المحققة، لأن العالم يتغير، والمنافسة تشتدّ، ومن الواجب تسليط الضوء على الإدارة الحكومية لتقييم أدائها وتلافي نقاط الضعف إن وجدت، وتعزيز نقاط القوة، وتطوير الأداء بما يسهم في استدامة النجاح واستمرار التفوق.

لقد مضت مرحلة وأمام الإمارات مراحل عديدة واعدة، ولكن في ظل التطور الكبير في مختلف المجالات في العالم من حولنا، ومع التغيرات المحيطة بنا، يجب أن نعقد العزم والعزيمة على استدامة تطوير الإدارة، وأن نركز على المواضيع التي ما زالت تحتاج إلى تطوير وتحسين.

ومنها على سبيل المثال لا الحصر قضايا الحوكمة والشفافية وأخلاقيات العمل الوظيفي، ونتائج الأداء والأنظمة الإدارية، لإجراء نوع من التقييم والتقويم في الوقت ذاته، من أجل النهوض بالإدارة الحكومية والأنظمة الإدارية وتطويرها إلى ما يتلاءم مع متطلبات التقدّم العلمي والتكنولوجي الذي يشهده العالم.

فالأنظمة الإدارية تحتاج إلى مراجعة وتقييم وتطوير كل فترة، في جميع المجالات المرتبطة بالأداء وجودة العمل، من التخطيط إلى القدرات القيادية والاستثمار في رأس المال البشري، وتقديم الخدمات الحكومية... إلخ، فإذا كانت الأنظمة الإدارية جيدة؛ سيكون العمل الفني للمؤسسات الحكومية جيداً.

ولذلك يجب ألا نتوقف أبداً عن التركيز على الإنسان الذي يعتبر أثمن وأغلى ثروة وطنية، وعلينا أن نهتم به ونشاوره ونطور قدراته ليستطيع العمل في أي مكان وأي زمان.

ويكون ذلك بالتركيز على إنتاجية الموظفين وقياسها وتطويرها وتعزيزها، وتوفير بيئة حقيقية للإبداع في القطاع الحكومي.

وبتبادل الأفكار والآراء بين المسؤولين والموظفين، وتكريس ثقافة الشفافية وروح الفريق الواحد.

كما لا بدّ من التركيز على التكنولوجيا وتسخيرها لخدمة الإنسان وإسعاده، ولاسيما في ظل التقدّم التكنولوجي الهائل اليوم، والذي يتطلب مواكبة دائمة لأحدث الاختراعات والابتكارات التكنولوجية، واستلهامها لتحقيق إنجازات كبيرة في هذا المجال؛ تضعنا على خارطة الدول الأكثر تقدّماً وتطوّراً في العالم.

ومما لا شك فيه أنّ الشراكة الحقيقية بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص يجب أن توضع في صالح العمل العام والمصلحة العليا، لخدمة الوطن والناس.

واللافت أنه في البدايات وقبل سنوات كان القطاع الخاص يتقدم على القطاع الحكومي في أدائه وخدماته وطريقة تفكيره.

ولكن الآن وفي كثير من المجالات استطاع القطاع الحكومي أن يتفوق على القطاع الخاص، لذلك فإنّ الشراكة التي تبنى على المنفعة المتبادلة والمشتركة بين القطاعين؛ ستكون كفيلة بتحقيق إنجازات كبيرة على المستويات الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.

ولاسيما عندما يؤدي القطاع الخاص التزامه المجتمعي المطلوب منه تجاه المجتمع والناس، دون أن يكتفي بتحقيق الربح والتوسع في الحصة السوقية، لأن النجاح نجاح للجميع.

والشراكة بين القطاعين من شأنها أن تعزز ثقافة الالتزام المجتمعي، وخدمة الناس، ففي نهاية المطاف؛ الإنسان هو الأساس والغاية في كل عمل، ولا بدّ من دعمه واحترامه وتأهيله ليكون قادراً على المساهمة الفاعلة في تطوير البنية الأساسية للدولة وتعزيز إمكانياتها ومقدراتها.

* رئيس مجموعة الدكتور أحمد النصيرات للتميز

 

Email