الأسواق تحجم عن التحوّل لوضعية الحرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا تحجم الأسواق عن التحول لوضعية الحرب؟

يرغب المستثمرون في شيئين: فرص واضحة حقاً لكسب المال، وفرص غامضة حقاً لكسب المال، حيث يملكون نوعاً من ميزة على غيرهم، لكن الخلاف العسكري والدبلوماسي بين الولايات المتحدة وإيران لا يقدم لهما أياً من هذين، بالتالي رد فعل السوق الصامت.

ومع التصعيد الأخير في الأحداث بين واشنطن وطهران، عانت أسواق الأصول من موجات الضغوط المعتادة: ازدادت أسعار النفط، وتراجعت الأسهم، وارتفعت عوائد السندات الحكومية، ووجدت العملات مثل الفرنك السويسري والين الياباني التشجيع والدعم، وقفز الذهب.

الجدير بالذكر، مع ذلك، هو أن كل تلك التحركات كانت متواضعة، في الوقت الذي ارتفع النفط فوق 71 دولاراً للبرميل يوم الثلاثاء، على سبيل المثال، بعد ضرب إيران المواقع الأمريكية في العراق، كان الارتفاع في السعر قد توقف مع حلول وقت تناول المتداولين طعام الغداء في لندن نهار الأربعاء، وكان يعكس مساره بالكامل بنهاية التداول.

أحد التفسيرات لهدوء السوق في وجه الجغرافيا السياسية المحفوفة بالمخاطر هي أن مديري الصناديق عباقرة في فن الدبلوماسية، ويتوقعون بحس حكيم أن الوضع لن يشهد تصعيداً.

وهذه من الأفكار التي يمكن رفضها، يقول كبير الاستراتيجيين في «يونيون بانك بريفيه»، كون تشاو: «معظم المستثمرين ليست لديهم قراءة قوية حول كيفية تطور هذا الوضع بطريقة أو بأخرى، فلا تمنحوا المستثمرين الكثير من الفضل.

كم يبلغ عدد المفكرين المتعمقين بينهم في هذا؟ تلك ليست بين مجموعة مهاراتهم».

بعبارات أخرى، لا تزال الأسواق في وضع الانتظار والترقب، إذا ما ارتفعت مستويات التوتر، فإن المتداولين سينقرون على زر الذعر، الذي يحمل علامة «اشترِ سندات الخزانة»، لكنهم حتى الآن، يأملون أن يكون كل ذلك مجرد عرض للقوة من كلا الجانبين، لكي يستمروا في ركوب الاتجاه الصعود في الأصول المحفوفة بالمخاطر.

وما يمكن أن يضر بالاقتصاد العالمي حقاً هو الارتفاع الكبير في أسعار النفط، ما قد يولّد موجة من التضخم ويضعف الثقة الاقتصادية، لكن خطوة كبيرة جداً تبدو غير مرجحة، نظراً لوزن زيت الصخر الأمريكي.

الأكثر من ذلك، هو أن الشرق الأوسط لم يعد المزوّد الكبير للثروة في العالم كما كان عليه الوضع من قبل.

وعلى نحو واسع النطاق، هذا التحول يعني أن المنطقة لا تسحب الأموال من أسواق الأصول الدولية بالحجم نفسه خلال فترات الضغوط.

يقول كبير الاستراتيجيين في «ببلو باي لإدارة الأصول»، ديفيد رايلي: «المنطقة لم تعد مصدر تمويل ضخم لبقية العالم»، مضيفاً: في هذه الأيام، عندما ينبثق التوتر من الشرق الأوسط، فإن التأثير على السوق «أقل بشكل ملموس»، لكن هل سيشعر أي مدير صندوق محترم بالإحراج لتوضيح لماذا غاب عنه أو عنها الصعود الهائل في الأصول المحفوفة بالمخاطر في عام 2020، لأن الاستراتيجيين الخبراء على تلفزيون الكابل تنبأوا عن خطأ بحرب عالمية ثالثة؟ نعم.

هذه الحقيقة سوف تبقي الغطاء على رد الفعل في الوقت الراهن، وباستثناء حدوث كارثة، فإن الحديث سينتقل على الأرجح إلى تقرير الوظائف الأمريكي.

Email