خمسون عاماً.. في المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

غالباً ما تكون الخطوات الأولى في أي مشروع هي الأكثر صعوبة، وهي التي تحدّد نهاية المسار وتقرر مصيره، فما خطّط له بعناية وتركيز وبني على أساس متين سيكون النجاح نهايته الحتمية، وما بني على أساس هش ودون تخطيط أو دراسة، سيكون مآلُه الدمار والخراب..

فماذا والحال أن يكون المشروع مشروع دولة؟!لو أخذنا هذا المبدأ بالحسبان قبل خمسين عاماً، لعرفنا أن مشروع دولة الإمارات العربية المتحدة سيصل - بدون أدنى شك - إلى النجاح والتميز، لأنّ هذه الدولة تأسست على قواعد راسخة، وبنيت أركانها على أعمدة متينة، وفق تخطيط مدروس ومتأنٍّ من قبل الآباء المؤسسين وعلى رأسهم المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، طيب الله ثراه، الذي استشرف المستقبل الذي نعيشه اليوم، ورفع بنيان دولة الإمارات انطلاقاً من رؤية ثاقبة جعلته يخطط لخمسين عاماً من التفوّق والتميز في جميع مجالات الحياة، دون إغفال أي جانب، أو إهمال أي تفصيل صغير.

اليوم نستعد لليوبيل الذهبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، نقف على أعتاب الخمسينية الثانية من عمر هذه الدولة الرائدة، لنخطط لمستقبل أبنائنا وأحفادنا، كما خطط أجدادنا وآباؤنا لمستقبلنا، لكن الفرق اليوم هو أننا لن نبدأ من الصفر كما كانت الحال قبل خمسين عاماً، وإنما سنكمل المسيرة بعد أن قطعنا شوطاً كبيراً من التطوّر، وبعد أن تمّ تقييم وتقويم المسار بما يصبّ في مصلحة الوطن وأبناء الوطن.

اليوم، نمتلك الكثير من المقوّمات القادرة على النهوض بالدولة وبناء مستقبل زاهر لمواطنيها، فما هي خطتنا للخمسينية الجديدة؟ وما هو مسارنا وأين بداية الطريق؟

هذا ما أجاب عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بقوله:«تقترب الإمارات من عيدها الخمسين في 2021 ونريده أن يكون عام الانطلاقة الكبرى.

نحتفي بخمسين عاماً ونطلق مسيرة الخمسين القادمة. الاستعداد سيكون في 2020.. العام القادم سيكون عام الإعداد والاستعداد لإحداث قفزة كبيرة في مسيرتنا».. «قبل خمسين عاماً صمم فريق الآباء المؤسسين حياتنا اليوم. ونريد العام القادم تصميم الخمسين عاماً القادمة للأجيال الجديدة».

الانطلاقة الإماراتية الخمسينية الجديدة تتطلب رؤى ومقاربات جديدة تنسجم مع معطيات المستقبل، وتكون مبنية على أساس متين من الابتكار، وفكر جديد يركز على صنع المستقبل واستشرافه والمشاركة في بنائه بفاعلية، وتسخير التكنولوجيا لخدمة الإنسان ودراسة تأثيرها على أعمال ووظائف المستقبل.

فكما شهد العالم منذ خمسين عاماً ثورة معرفية تمثّلت في انتشار التكنولوجيا الحديثة وسيطرتها على مختلف مفاصل ونواحي الحياة، يشهد العالم اليوم ثورة معرفية جديدة من نوع آخر أكثر تطوّراً وتقدّماً تتمثل في الذكاء الاصطناعي وما ينطوي عليه من تقدّم كبير ولاسيما في مجالات الأبحاث والاتصالات وصناعة الفضاء والروبوتات.. وغير ذلك من المجالات التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية، ابتداء من الهاتف المحمول - وهو من أبسط أشكال الذكاء الاصطناعي وأكثرها شيوعاً - مروراً بالسيارات ذاتية القيادة، وانتهاء بالأقمار الاصطناعية وغزو الفضاء..

لقد عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن رؤيته للخمسينية المقبلة، بما يشكّل منهجاً رائداً للسير باتجاه المستقبل، فقد قال:«في الخمسين عاماً المقبلة.. نهيّئ كل قطاعات الدولة لمرحلة ما بعد النفط، ونبني اقتصاداً معرفياً حقيقياً أساسه الابتكار والإبداع والعلوم الحديثة، ونضع بصمتنا في مسيرة الحضارة الإنسانية، ونشيد الأسس القوية لاستدامة التنمية للأجيال القادمة».

نتمنى لوطننا الحبيب وقادتنا الكرام وشعبنا العظيم؛ عاماً جديداً سعيداً ومليئاً بالنجاحات، ليكون عام الانطلاقة الخمسينية الجديدة لدولتنا الغالية.

 

 

Email