قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله... الاحتفال بيوم العلم من كل عام يرجع لما لهذا اليوم من مكانة رفيعة في نفس سموه بشكل خاص، وأيضاً في ذاكرة ووجدان شعب الإمارات والمقيمين معهم على أراضيها.

إذ يرى سموه أنه يومٌ عظيمٌ في تاريخ دولة الإمارات، لأن الاحتفال بهذا اليوم يأتي بمناسبة تسلم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مقاليد الحكم في دولة الإمارات.... حيث قال سموه: «قررنا أن يتزامن يوم العلَم مع تولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئاسة دولة الإمارات. حفظ الله دولتنا وعلمَنا ورئيسنا».

ولقد أطلق سموه مبادرة سابقة تمثلت في ابتكار مقترح لعلامة تميز دولة الإمارات عن الدول الأخرى، وهي فكرة مبتكرة تزين وجه دولتنا وتكسبنا الإحساس بالانتماء إلى وطن الآباء والأجداد، إذ يرى أساتذة «علم الأنثروبولوجيا الثقافية» أن الرموز التي تتبناها الدول تعود إلى أن جماعات إنسانية اضطرت لتميز أصلها القبلي عن سائر القبائل الأخرى، بل إن اتخاذها رمزاً خاصاً لها كان مطلباً ضرورياً، وفي مراحل تاريخية لاحقة انتقلت الفكرة إلى الرومان واليونانيين.

وقد انتقلت فكرة الرمز كونه راسباً ثقافياً للمجتمعات الحديثة، فنجد أن القبائل الألمانية في عصورها الأولى اتخذت الصقر رمزاً وشعاراً، واستمر شعاراً للأمة الألمانية إلى اليوم... وفي مراحل لاحقة أخذت الدول تتبارى في اختيار ألوان للعلم الذي يميزها، وجرت العادة أن تعبر الألوان عن خصائص ومقومات المجتمع، فمثلاً نجد اللون الأخضر يرمز للزراعة، والأصفر للصحراء، والأزرق للماء أو زرقة وصفاء السماء، أما الأحمر فقد يدل على نضال وكفاح الشعب.

ومعلوم أن لدولة الإمارات علمها الذي تميزه الألوان «الأخضر والأحمر والأبيض والأسود»، وقد رأى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد أن يكون للدولة، بالإضافة إلى العلم، (رمز علامة).

وتجدر الإشارة إلى أن العلامة، التي تم عرضها سابقاً أمام مجلس الوزراء، تعتبر علامة ترويجية هدفها إيصال رسالة الإمارات إلى العالم برؤية جديدة ومبتكرة، للتعريف بمجموعة الخصائص التي تميز دولة ومجتمع الإمارات، في الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية...

والعلامة وفق التصاميم الخمسة، التي لا تختلف في الفكرة ولا في المضمون، يمكن أن تكون إطاراً مرجعياً يستدل منه على دولة شقت طريقها بعزيمة قادتها وقناعة والتفاف مواطنيها، للسير قدماً في اتجاه مستقبل مشرق وواعد.

والإمارات السبع التي يرمز لها هذا الشعار، لا تعرّف نفسها كونها دولة نفطية لها موقعها الجغرافي المحدد وبنيتها التحتية المميزة وقوانينها، فإن دولة الإمارات ليست مكاناً فحسب، بل هي نسيج سكاني منتظم ومتناغم...!

ويعتبر العلم أحد الرموز الوطنية للدولة المستقلة وسيادتها وعنوانها ورايتها التي تمثلها في جميع الأماكن والأزمنة، كما يرتبط العلم ارتباطاً وثيقاً بالسلام الوطني الخاص بالدولة فيرفرف على أنغام السلام الوطني، فيما يحظى الاثنان باحترام وتقدير سكان الدولة على اختلاف فئاتهم الاجتماعية والتعليمية والمادية، لأنه ببساطة، يمثل الجميع دون استثناء؛ لذلك فإن علم دولة الإمارات العربية المتحدة هو: «رمز السلام والأمان والفرح والسعادة»، التي تتجسد خلال المناسبات القومية والدينية والفعاليات الرسمية والشعبية في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية، سواء في داخل دولة الإمارات أو خارجها.

كما يجسد علم دولة الإمارات طموحات وآمال شعب الإمارات، خاصة أنه الرفيق اليومي لهم ولكل المقيمين على أرض الإمارات، وخاصة الطلاب الذين يحيون العلم صباح كل يوم احتراماً وتقديراً للدولة ودورها البناء في خلق أجيال قادرة على رفد الوطن بالإنجازات والإبداعات.

ولقد استلهم مصمم العلم ألوانه من الأبيات الشعرية التي كتبها الشاعر العراقي "صفي الدين الحلي" التالية: بيض صنائعنا.. خضر مرابعنا.. سود وقائعنا.. حمر مواضينا.. ومعنى الصنائع: تتمثل في كل السلوكيات التي تحمل في طياتها أعمال الخير بكل أشكاله. كما كان المقصود من الوقائع: المعارك والحروب، في حين كان وصف المرابع للمساحات الشاسعة من الأراضي، وجاء معنى المواضي: السيوف المخضبة بدماء الأعداء بعد النصر عليهم...

ولهذا يوصي خبراء التربية في دولة الإمارات... بأن دور الآباء والأمهات والتربويين حيوي في تجسيد المقاصد النبيلة والغايات السامية من الاحتفال بيوم العلم، الذي ينبغي أن نغرس مفاهيمه لدى النشء منذ الصغر، فالعلم ليس قطعة من القماش في شكله، وإنما العلم في مضمونه عزة الوطن وكرامته ورمز الفخر، ولذلك فإن الدور المنوط بالتربويين هو كيفية إيصال هذه المفاهيم إلى قلوب الصغار، بحيث ينشأ كل منهم على حب العلم الذي هو رمز الوطن، وتجسيد لمنجزاته، ورايته بين الأمم، وهو الراية التي ينبغي أن تظل خفاقة على الدوام.

إن مجتمع دولة الإمارات ينطلق من ماض عريق، ويمزج بوعي بين التراث والمعاصرة وبين الأصالة والتجديد، ولهذا كان علم دولة الإمارات بألوانه الأربعة «الأخضر والأحمر والأبيض والأسود» ليس راية مرسومة أو قماشاً ملوناً أو رمزاً أو علامة، بل هو علم يمثل اتحاد إرادة وعزيمة ووحدة ورؤية...!