كفاءة وفعالية الهيكل التنظيمي في الجهات الحكومية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر الهيكل التنظيمي العمود الفقري لأي جهة أو مؤسسة حكومية؛ إذ يترجم اختصاصاتها الواردة في تشريع إنشائها وتوجهاتها الاستراتيجية على شكل تقسيمات ووحدات تنظيمية في مستويات متدرجة، تأخذ شكلاً هرمياً وترتبط ببعضها عبر خطوط السلطة التي تنساب من خلالها العلاقات والأوامر والتعليمات.

إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يخدم هذا الهيكل التنظيمي الجهة بالشكل الأمثل؟ وتكمن الإجابة في مصطلحين متعارف عليهما جيداً في علم الإدارة، ألا وهما: الكفاءة والفعالية.

وقبل التطرق إلى الحديث عن كفاءة وفعالية الهيكل التنظيمي، لا بد لنا أولاً أن نعرّف أو نذكّر بتعريف مصطلح الكفاءة Efficiency (Do Things Right) أي «افعل الأمور بالشكل الصحيح»، ومصطلح الفعالية Effectiveness ( Do The Right Things) أي «افعل الأمور الصائبة». ومن هذا المنطلق يمكن تعريف كفاءة الهيكل التنظيمي بأنها: «مدى التطبيق الفعلي للهيكل التنظيمي المعتمد من قبل الجهة المختصة للاعتماد على أرض الواقع».

أما فعالية الهيكل التنظيمي والتي تعتبر الأهم من وجهة نظر الخبراء في التنظيم الإداري يمكن تعريفها بأنها: «مدى تلبية الهيكل التنظيمي للاحتياجات الفعلية للجهة الحكومية والالتزام بالمبادئ التنظيمية وأسس الحوكمة الصحيحة».

ومن أهم معايير قياس كفاءة الهيكل التنظيمي: مدى التطبيق الفعلي للعلاقات التنظيمية ومسؤوليات وصلاحيات الوحدات التنظيمية، ومسميات الوحدات التنظيمية وملاءمتها مع مهام الوحدات التنظيمية، ومدى استخدام الموازنة المخصصة للموارد البشرية على الهيكل، بالإضافة إلى نسبة تسكين الموظفين وملء الشواغر على الهيكل التنظيمي المعتمد.

أما معايير قياس فعالية الهيكل التنظيمي، فتعتبر أصعب من حيث القياس، ولكنها أفضل من حيث النتائج؛ إذ يعتبر الخبراء في التنظيم أن وجود هيكل تنظيمي فعال للجهة الحكومية أفضل من وجود هيكل كفؤ. إلا أن السيناريو الأمثل يكمن في امتلاك الجهة الحكومية هيكلاً يتسم بالكفاءة والفعالية في آن واحد.

ومن أهم معايير فعالية الهيكل التنظيمي: مدى توافق الهيكل التنظيمي مع توجهات الدولة والإمارة ومع استراتيجية الجهة الحكومية، ومدى تطبيق المبادئ التنظيمية مثل: التخصص والتكامل والتجانس ونطاق الإشراف والتسلسل الإداري ووحدة الأمر، ومدى الالتزام بمعايير الحوكمة والإدارة الفاعلة عن طريق فصل الأنشطة الرقابية عن التنفيذية وتفادي تضارب المصالح.

وفي الختام، لا بد من الإشارة هنا إلى أنه لا يوجد نموذج موحد لهيكل تنظيمي فعّال يمكن استخدامه لكافة الجهات الحكومية One Standard Fits All)، (إذ يوجد عدة محددات أساسية لتصميم الهيكل التنظيمي منها حجم الجهة الحكومية الذي له ارتباطاً مباشراً بهيكلها التنظيمي وله آثاره الواضحة على التعقيد والمركزية واللامركزية في التنظيم، بالإضافة إلى طبيعة عمل الجهة الحكومية ومدى استخدام التقنية في أنشطتها ومستوى تفاعلها مع بيئتها الداخلية والخارجية على حدّ سواء لضمان الاستقرار والتطور. لذا يتوجب على القائمين على التنظيم في الجهة الحكومية (إن كانوا داخليين أو خارجيين) أن يراعوا هذه المحددات عند تصميم الهيكل التنظيمي الأنسب للجهة.

 

 

Email