مصر تنهض وتستعيد ثقة العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

استشعر روائح «كريهة» يحاول بعض المتآمرين، والفاشلين، نشرها في المناخ العام بهدف نشر حالة من الإحباط واليأس، بعد أن تجاوزت مصر أكبر أزماتها، واجتازت أخطر تحدياتها.

وعادت مؤسسات الدولة «قوية عفية» تحقق النجاحات تلو الأخرى في المجالات المختلفة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً مع انتهاء المراحل الأصعب في «التأسيس» و«إعادة البناء» وبدء ظهور بشائر النتائج. ظهر ذلك «جلياً» في الاقتصاد، وبعد أن كانت مصر على شفا الإفلاس والانهيار التام..

. تنتظر المعونات والدعم من الدول الصديقة والشقيقة، دخل الاقتصاد المصري مرحلة إصلاح صعبة ومعقدة.

وفي العالم كله تكون تلك المرحلة من أصعب المراحل ويطلقون عليها أحياناً مرحلة «تكسير العظام»، إلا أنه في مصر استطاع الاقتصاد المصري تخطي تلك المرحلة الصعبة بأقل الأضرار الممكنة نتيجة سلسلة من البرامج الاجتماعية «الحمائية» لحماية الأسر الفقيرة بما يضمن الحد الأدنى اللازم والضروري للحياة الكريمة.

إطلاق ودعم هذه البرامج الحمائية أدى إلى تجاوز مرحلة تكسير العظام في الإصلاح الاقتصادي وضمان الحد الأدنى لمحدودي الدخل، ومن هنا تأتي إشادات الرئيس عبد الفتاح السيسي الدائمة والمستمرة في كل المناسبات بعبقرية الشعب المصري، وقدرته وصموده على تخطي تلك المرحلة.

مما كان له أكبر الأثر في نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي، حتى أصبح هناك الآن ما يعرف بالتجربة المصرية في الإصلاح الاقتصادي، وباتت المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وغيرهما يبشرون بتلك التجربة ويدعمونها.

ويعرضونها كنموذج يصلح للاقتصادات المتشابهة التي تحاول الخروج من مأزقها. انتهت تلك المرحلة الصعبة وبدأت بشائر النمو والانطلاق، وظهر ذلك واضحاً في تراجع العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، وحتى نهاية الأسبوع الماضي، فقد واصل الجنيه الصعود أمام العملات الأجنبية، وواصل الدولار تراجعه.

هذا التراجع للعملات الأجنبية انعكس إيجابياً على أسعار السلع والخدمات واستقرارها، كما حدث في الكثير من السلع الغذائية والصناعية، وإن لم يكن بالدرجة التي تتناسب مع هذا التراجع بسبب جشع بعض التجار والمستوردين.

لم تظهر بشائر الإصلاح فقط على تراجع أسعار العملات الأجنبية، لكنه امتد أيضاً إلى كل ما يتعلق بالمؤشرات الاقتصادية مثل انخفاض معدلات البطالة.

ولأول مرة يتم تحقيق فائض أولي 2% في ميزانية 2018/‏2019، بما يعني زيادة الإيرادات على المصروفات إلى جوار ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام الماضي إلى 5.6% مما يضع مصر في مصاف أفضل الدول التي حققت نمواً بهذه النسبة.

الأمر المؤكد أن المشوار مازال طويلاً، فالدول لا تبنى بين يوم وليلة، ومسيرة الإصلاح في الدول التي سبقتنا مثل الصين والهند وسنغافورة وكوريا وغيرها لم تنته كل مشكلاتها في 3 أو 4 سنوات، وإنما أخذت وقتاً وجهداً، ودولة مثل الصين رغم أنها ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا تزال تعتبر نفسها من الدول النامية، ولا تزال لديها مشكلة مع الفقر والفقراء.

نجاح مصر في برنامج الإصلاح منحها ثقة المؤسسات الدولية، والمستثمرين، وهو الأمر الذي جعل برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري «أيقونة» يتم الاستشهاد بها في المحافل الدولية، غير أن هذا النجاح يتطلب الاستمرار والتراكم في معدلات النمو، وزيادة الناتج المحلي، وتقليل الواردات وزيادة الصادرات لتتحول مصر إلى نمر اقتصادي بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ خلال السنوات القليلة المقبلة.

من الطبيعي أن يكون للتحول الاقتصادي وحل المشكلات المتراكمة عبر 6 عقود على الأقل بعض الآثار الجانبية التي يحاول بعض «المتآمرين» و«الفاشلين» استغلالها في محاولة فاشلة منهم لوقف مسيرة النجاح.

القصة ليست أشخاصاً فاشلين ومتآمرين تنبعث منهم مجرد «روائح كريهة»، لكنني أعتقد أن الموضوع أكبر من ذلك، وأن هناك من يقف وراء هؤلاء، بدليل التمويل الضخم لقنوات إعلامية لا هدف لها على مدى 24 ساعة سوى شائعة البلبلة وهز الثقة ونشر هذه الروائح الكريهة وتضخيمها، وبتمويل «سخي» ليس له سقف أو حدود.

تلك القنوات «المسمومة» هي التي تحاول نشر وبث تلك «الروائح الكريهة» في الفضاء، على أمل أن يصل نفاذها وتأثيرها إلى المناخ العام، وينتشر الإحباط واليأس، وتعود السيناريوهات «الشريرة» مرة أخرى، بعد أن نجح الشعب المصري في الانتصار لدولته ومؤسساته ومساندة حكومته وقيادته في تجربة الإصلاح الاقتصادي وتحقيق الاستقرار السياسي.

* رئيس مجلس إدارة «الأهرام»

 

Email