عالم جديد من التوظيف في عصر الذكاء الاصطناعي

تشير آخر التقديرات إلى أن نسبة 40% من الوظائف في العالم ستتحول نحو الأتمتة خلال السنوات الـ15 المقبلة. وقد تكون هذه النسبة مقلقة للبعض، إلا أن الخبراء يرون أن الأتمتة ستتيح للبشر تكريس وقتهم لإنجاز مهام أكثر ابتكاراً. ومما يبعث على التفاؤل أيضاً أن هذا التحدي ليس مستحدثاً، فتاريخياً حلّت التقنيات الجديدة محلّ البشر مراراً وتكراراً.

ومن هذا المنطلق، سيشهد عالم التوظيف موجة من الأتمتة تجعل مهام الموارد البشرية والتوظيف مختلفة للغاية بعد عقد من الزمن، وسيؤدي الذكاء الاصطناعي وروبوتات الحوار دوراً أساسياً في هذا التغير. ومن أمثلة ذلك أن الشركات ستعلم متى يكون المرشحون مستعدين لتغيير عملهم، وستتمكن من التواصل معهم بشكل استباقي. وسيتم فحص السير المهنية اعتماداً على الخوارزميات، ومن المرجح أن يتم اختيار المرشحين للوظائف من خلال مقابلات الفيديو التي تُجرى عبر التطبيقات الروبوتية.

وبدأ العديد من الشركات بالفعل استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لجعل إجراءات التوظيف أكثر سرعة ودقّة وقبولاً. وفي دراسة استقصائية ميدانية أُجريت أخيراً عن التوظيف، أشار أكثر من نصف مديري التوظيف إلى أن الفائدة الرئيسة لتقنيات الذكاء الاصطناعي تكمن في قدرتها على إزالة التحيز البشري. وستتولى تطبيقات الدردشة والحوار والذكاء الاصطناعي بعضاً من المهام الأكثر روتينية على قوائم مسؤولي التوظيف، ويشمل ذلك تحديد مواعيد المقابلات، والإجابة عن الأسئلة القياسية الشائعة، وتحليل السير المهنية للمرشحين قبل تصنيفهم وفق المؤهلات المطلوبة. كما يمكن للأدوات التكنولوجية أيضاً إنجاز المقابلات وتقييمها. وفي الواقع، قد بدأنا نرى تطبيقات تحلل مقابلات الفيديو والصوت اعتماداً على قراءة ملامح الوجه ونبرة المتحدث، ومن ثم تقترح عليك المرشحين الأفضل لتحقيق أعلى المبيعات لمنتجاتك، على سبيل المثال.

بذلك، فإن التقنيات المتطورة ستتيح لجهات التوظيف التركيز على التفاصيل الإنسانية أثناء عمليات استقطاب المواهب، مثل تقييم المهارات الشخصية الأساسية، وإقناع المرشحين بقبول عروض العمل، وإطلاعهم على ثقافة الشركة وقيمها، والتفاوض معهم بشأن الرواتب واتخاذ قرارات التوظيف النهائية.

ومن البديهي أن يتخوّف البعض من قدرة التكنولوجيا على جعل إجراءات التوظيف الحالية تبدو قديمة وبالية، إلا أن اعتماد التقنيات المستقبلية واستخدامها سيمنح جهات التوظيف مزيداً من المساحة للتركيز على مهامها البشرية إلى أقصى قدر ممكن.

وتشير تقديرات إلى أن نحو 85% من الوظائف التي سيشغلها طلاب اليوم بحلول عام 2030 لم تُخترع بعد، فالعديد من هذه الوظائف ستبدأ مع التقنيات الناشئة اليوم، مثل الطائرات بدون طيار (درون)، والطاقة البديلة، والسيارات الذاتية القيادة، والعملات الرقمية، وتقنية «بلوك تشين»، على سبيل المثال لا الحصر. وفيما يلي 5 وظائف مبتكرة سنراها في المستقبل:

- مدير توأمة: سيتولى مديرو توأمة البشر مع الآلات وظائف التحكم بإدارة التنسيق بين البشر والآلات في إنجاز المهام، وسيحددون الأدوار والمسؤوليات ويضعون قواعد العمل. وستكون لدى المرشحين المثاليين لهذه الوظائف خبرة في علم النفس أو علم الأعصاب، مقترنة بالخبرة في علوم الكمبيوتر أو الهندسة والموارد البشرية.

- مستشار عملات رقمية: سيقدّم مستشارو العملات الرقمية توصياتهم للمستثمرين عن طرائق إدارة ثرواتهم، من خلال إنشاء محفظة عملات رقمية متوازنة.

- مهندس تدوير: سيتم تكليف مهندسي التدوير بمهام ابتكار حلول إعادة تدوير النفايات على نطاق واسع، خاصة بعد أن بدأت مطامر النفايات المتاحة في العالم بالنفاد. وستوظّف شركات الألعاب والألبسة والأثاث والآليات وغيرها هؤلاء المهندسين لإيجاد طرائق أكثر فاعلية في إعادة استخدام مخلّفات التصنيع، وسيحتاج الراغبون في تولي هذه المهام والإسهام في تنظيف العالم إلى خبرة في علم المواد أو التصميم الصناعي.

- مُصمّم أعضاء اصطناعية: سيركّز العلماء جهودهم مستقبلاً على تصميم وابتكار الأعضاء الاصطناعية وأجزاء الجسم البديلة بالاعتماد على الخلايا الجذعية وغيرها من المواد، لتجاوز النقص في الأعضاء البشرية القابلة للنقل والزرع، وسيكون المرشحون المؤهلون لهذه المهمة من ذوي الخبرة في البيولوجيا الجزيئية وهندسة الأنسجة أو الهندسة الطبية الحيوية.

- منظّم حركة درون: خلال العقد المقبل، ستكون الطائرات بدون طيار في كل مكان، وستقوم بمهام السهر على أمن الأحياء السكنية وتوصيل البيتزا وغيرها، وسيتولى منظّمو حركة الطائرات بدون طيّار، وهم فئة مستقبلية جديدة من مراقبي الحركة الجوية، مهمة الإشراف على مسارات الطائرات حتى لا تتسبب في الفوضى.

* مدير حلول المواهب للقطاع الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لينكدإن