استهداف المنطقة عبر القاهرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بداية أذكركم بتقرير معهد «راند» الأمريكي، الذي نشرته صحيفة واشنطن بوست بتاريخ 6 أغسطس 2002، وجاء فيه: «إن الحرب على العراق ستكون مجرد خطوة تكتيكية، بينما السعودية هي هدف استراتيجي، وأما مصر فهي الجائزة الكبرى»، وتنفيذ هذا المخطط يتم بأساليب، وأذرع عديدة، في مقدمة هذه الأذرع جماعة الإخوان الإرهابية.إن استهداف المنطقة والأمن القومي العربي، لا يزال هدفاً رئيسياً لهذا التنظيم الإرهابي، ومن يقف خلفه من أجهزة استخبارات معادية، ويدور في فلكه من منظمات مشبوهة.

الدائرة تضيق على هذه الجماعة الإرهابية، بعد أن لفظها الشارع العربي، ولم تعد لها مصداقية، وسقطت كل أقنعتها أمام وعي وإدراك الشعوب العربية تجاه هذه الجماعة التي تمارس وتدعم وتمول العنف والتطرف والإرهاب بمختلف أشكاله، من أجل تنفيذ مخططات تفكيك وتقسيم المنطقة العربية.

هذه الجماعة ومن يقف وراءها مثل النظام التركي يعلم تماماً أن مصر هي مفتاح الاستقرار بالإقليم، وأن حلم ووهم الخلافة أسقطه الشعب المصري العظيم، وقطع الطريق أمام انتشار الظلام والإرهاب، ولم يحتمل المصريون حكم هؤلاء الفاشل لمدة عام واحد.

العقدة الاستراتيجية الآن لدى التنظيم الإرهابي وراعيه الرسمي رجب طيب أردوغان، تكمن في محاولة صناعة هزة وخلخلة في الشارع المصري، ومن ثم المنطقة، إذ يرى هذا التنظيم أن تلك الدعوات للتظاهر بمثابة الفرصة الأخيرة لتحقيق وجود لهم، سيما أنهم فقدوا تماماً أي تأييد حقيقي في الشارع، وتم كشف أكاذيبهم وخداعهم الإعلامي أمام الرأي العام، فضلاً عن واقع مرير ظل يطارد مستقبل هذه الجماعة، بعد أن تهاوت الأرض من تحت أقدام النظام التركي الذي يمثل بالنسبة لهم الأب الروحي والسند الحقيقي، سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، خصوصاً أن أردوغان يواصل خسارته وفشله المتلاحق على مستوى الشارع التركي، وعلى المستويين الإقليمي والدولي، الأمر الذي يدفعه إلى المقامرة والمغامرة، والدفع بكل ما يملك من دعم للتنظيمات الإرهابية، بهدف التخريب واستعادة مشاهد الفوضى في الشارع المصري لاستلهام أحداث يناير 2011، ظناً منه أنه سينطلق هو وجماعته إلى باقي دول المنطقة العربية لتعميم سيناريو التخريب مثلما حدث في عواصم عربية عديدة دفعت - ولا تزال - أثماناً غالية.

إلى ذلك يواصل أردوغان رعايته الإرهاب وتسهيل مرور الميليشيات والمرتزقة الأجانب، وتقديم الدعم لهم للنفاذ إلى دول المنطقة وأوروبا وإفريقيا وآسيا لزعزعة الاستقرار فيها، وترويج الفكر المتطرف وانتشاره، واستخدام كل وسائل العنف والإرهاب لتحقيق أغراضه وأحلامه الزائفة، وبسط النفوذ والسيطرة خارج الحدود، مثلما يفعل الآن عبر تصدير الميليشيات المسلحة إلى ليبيا.

ربما ترى الجماعة الإرهابية ومن يساندها أن الوقت مناسب للانقضاض، لكن المؤكد أن الشعوب العربية ستحمي كل ذرة تراب بدمائها، ولن تسمح بسقوط الدولة الوطنية، بل إن ما حدث في عام 2011 لن يتكرر، ولن تتمكن هذه الجماعة الوظيفية من أن تقوم بأدوار لحساب أجهزة الاستخبارات المعادية، فقد استيقظت الشعوب العربية ورأت الخراب والدمار رؤية العين، ودفع الكثير أرواحهم أو فقدوا أبناءهم، ودمر اقتصادهم واستقرارهم، ورغم هذا ستواصل الشعوب حماية أوطانها، فلا توجد دولة عبر التاريخ هزمتها جماعة أو تنظيم، وبالتالي فإن محاولات العبث التي تريد النيل من مصر، كنقطة انطلاق إلى سائر دول وعواصم المنطقة، ستواجه بكل قوة وعزيمة، فالشعوب والجيوش العربية مرابطة، وسوف تبوؤ جميع محاولات المخربين بالفشل، لأن العرب تعلموا الدروس، وأدركوا قيمة الحفاظ على الدولة الوطنية في مواجهة المخاطر التي تحدق بالإقليم في هذا التوقيت، وبالتالي علينا نحن الشعوب العربية بالوحدة والتماسك لاجتثاث منابع التطرف والتصدي بكل قوة لكافة المخاطر.. فلن ينجو أحد منفرداً.

* رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي

Email