هل تغيّر «بلوك تشين» خريطة الاستثمار العقاري في المنطقة؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأت العديد من القطاعات في العامين الأخيرين باستكشاف الفرص التي تفتحها تقنية «بلوك تشين» الناشئة لجهة تعزيز الأداء وتسهيل العمليات وخفض النفقات ومن تلك القطاعات القطاع العقاري الذي لا يزال يتصدر فئات الأصول عالمياً باستثمارات تبلغ أكثر من 50 تريليون دولار.

ويصل إجمالي التقييم العقاري العالمي إلى 217 تريليون دولار بحسب شركة «سافيل» للاستشارات العقارية في لندن، فيما تشكل العقارات السكنية حوالي 75% من تلك القيمة الإجمالية.

ولتوضيح أبعاد هذا الرقم، فإن القيمة الإجمالية لجميع الذهب المستخرج في العالم على الإطلاق تبلغ 6 تريليونات دولار تقريباً، وهو أصغر بكثير بالمقارنة مع القيمة الإجمالية للممتلكات المطوّرة بأكثر من 36 مرة.

وفي الواقع، فإن ما يمكن استخلاصه من تلك المقارنة هو أن العقارات تعد فئة الأصول الأكثر عرضة للتأثر بالظروف النقدية العالمية ونشاط الاستثمار والتي بدورها تملك القدرة على التأثير على الاقتصادات الوطنية والدولية، أي بعبارة مبسّطة: العقارات مستمرة بلعب دور كبير في الاقتصاد العالمي.

ومع ذلك، فإن صناعة العقارات تعاني من ركائز تقليدية تعيق سيولتها ودورها في تنشيط اقتصادات الدول. ومن تلك المعوقات، أن حاجز الدخول إلى سوق العقارات كان غالباً مرتفعاً للغاية.. فالاستثمار بالعقارات في معظم الحالات يكون متاحاً لفئة معينة من المستثمرين فقط، كما أن هناك معيقات ترتبط بجنسية المستثمر وسجله الائتماني. أما في حالة الاستثمار بالأسواق العالمية، فهناك معيقات إضافية تتمثل في رسوم الصرف والتحويل والسمسرة، ورسوم المحاماة، والضرائب، ورسوم الاستثمار، وغيرها.

أما العائق الأكبر في نظرنا فهو نقص السيولة أو السرعة التي يمكن بها تحويل الأصل أوالاستثمار إلى نقد وهنا يأتي دور تقنية «بلوك تشين» التي يمكنها أن تسهل بشكل كبير من عملية تسييل الأصول العقارية وجعل الاستثمار فيها متاحاً للجميع. حيث تسمح هذه التقنية بتجزئة ملكية العقار وتسهيل إشراك عدد غير محدد من المستثمرين في تلك الملكية من خلال «التوكين» Token أو امتلاك «عملة رقمية»، تعكس ملكية المستثمر في عقار ما وحقه بتداول تلك الملكية في البورصات المختصة.

وتضمن تقنية «العقد الذكي» المرتبطة بـ«بلوك تشين» إمكانية الاتفاق على أي قرار يتم اتخاذه فيما يتعلّق بالعقار من قبل غالبية المالكين. كما تقلل الملكية الجزئية الحواجز أمام الاستثمار في العقارات بشكل كبير، فبدلاً من أخذ قروض لشراء أحد الأصول باهظة الثمن، يمكنك ببساطة شراء خمُس تلك الأصول، فيما يضمن العقد الذكي متعدد التوقيعات التزام الملاك المشتركين بالسلوك الصادق.

كما يزيد «التوكين» من السيولة بهامش كبير. فبدلاً من الانتظار لفترة طويلة لبيع الملكية العقارية الخاصة بك، يمكنك الذهاب إلى تبادل وتسييل العملة الرقمية الخاصة بالعقار. ويسمح «التوكين» كذلك بتنويع المحفظة بدرجة أكبر ونسبة أقل من المخاطر. فبدلاً من حبس جميع أموالك في عقار واحد، يمكنك استخدام نفس الأموال لشراء ملكية جزئية في عقارات متعددة.

والخلاصة أن تقنية «بلوك تشين» تسمح بإضفاء «الطابع الديمقراطي» على العقارات. فهي تفتح أبوابها للمستثمرين المحتملين من جميع أنحاء العالم لتجربة منافع الاستثمار العقاري. وفي حالة تنفيذها بشكل صحيح، يمكن أن تغيّر تلك التقنية من خريطة الاستثمار العقاري بشكل جذري في المنطقة والعالم خلال السنوات القليلة المقبلة.

Email