مأزق ليبيا وخريطة الخروج

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الأسبوع الماضي اجتمعت القوى الوطنية الليبية في القاهرة، وشارك في الاجتماعات أكثر من 200 شخصية ليبية تمثل جميع أطياف القوى الوطنية.

وأكدت في بيانها الختامي دعمها اللامحدود للقوات المسلحة الليبية في مواجهة الإرهاب والميليشيات، ودعت الجيش الليبي إلى الإسراع في تحرير العاصمة الليبية طرابلس، والبدء في تمكين المؤسسات المدنية الشرعية من ممارسة عملها في جو من الأمن والاستقرار بما يؤدي في النهاية إلى تحقيق المشروع الوطني الليبي، وقيام دولة ديمقراطية مزدهرة.

القوى الوطنية الليبية في هذا الاجتماع المهم وضعت خارطة طريق للخروج من الأزمة الليبية الحالية قائمة على محاور عدة، أهمها ما يلي:

أولاً: الاصطفاف مع الجيش الوطني الليبي ودعمه بكل قوة لاستعادة الأمن والنظام وتحرير العاصمة الليبية طرابلس من الميليشيات المسلحة. هذه الخطوة تعتبر من أهم الخطوات الاستراتيجية لحل الأزمة الليبية، حيث تعاني ليبيا ويل الأزمات والانقسامات منذ سقوط الدولة الليبية وانهيار مؤسساتها الأمنية والعسكرية والمدنية.

جاء دعم القوى الوطنية الليبية للجيش الليبي في توقيته الصحيح لكشف وفضح المتآمرين ضد مصلحة الشعب الليبي والمساندين للجماعات الإرهابية والمتطرفة والميليشيات المسلحة داخل طرابلس، ورفض تحالف المجلس الرئاسي الليبي مع تلك الجماعات محملين إياهم مسؤولية انهيار الأوضاع في ليبيا.

ثانياً: إدانة الدعم التركي والقطري للميليشيات المسلحة وفضح دورهما المشبوه في تعميق الأزمة الليبية واستجلاب الإرهابيين والمرتزقة من بؤر التوتر في سوريا والعراق إلى العاصمة طرابلس لعرقلة تقدم الجيش الليبي.

ثالثاً: رفضت القوى الوطنية الليبية المبادرة التي طرحها فائز السراج لوقف إطلاق النار لأنها تؤسس لحالة اللا دولة، وجاءت بعد فوات الأوان ليعود الوضع على ما كان عليه قبل انطلاق عملية الكرامة، الأمر الذي لا يرقى لطموح الليبيين في بناء دولتهم العصرية الحديثة.

الحالة الوحيدة التي يمكن فيها قبول وقف إطلاق النار تأتي بعد تمكين الجيش الليبي من السيطرة على كامل الأراضي الليبية، وسحب الأسلحة من كل الميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية، وتسليمها إلى القوات المسلحة الليبية.

وقوف القوى الوطنية الليبية، ومجلس النواب الليبي، والمجلس الأعلى للقبائل خلف الجيش الليبي خلق حالة من التوافق والانسجام بين أبناء الشعب الليبي في دعم قواته المسلحة في إطار خريطة الطريق الهادفة إلى استعادة الدولة الليبية من براثن الفوضى والانهيار، وأكد أن الجيش الليبي هو المؤسسة الوحيدة التي يتوافق عليها الليبيون لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.

خريطة المجتمع الدولي تجاه الأزمة الليبية تغيرت كثيراً الآن، بعد أن تفهمت الكثير من القوى الدولية الكبرى حقائق الموقف على الأرض في الأزمة الليبية، وكيف تحولت ليبيا إلى مأوى للإرهابيين والمتطرفين من كل أنحاء العالم.

ومن هنا بدأت الدفة تميل إلى الجيش الليبي باعتباره العمود الفقري لإعادة الأمن إلى الأراضي الليبية بعيداً عن سيطرة ونفوذ الجماعات والميليشيات المسلحة التي لم يعد يساندها إلا تركيا وقطر وربما بعض أجهزة المخابرات الدولية التي لها مصلحة مباشرة في استمرار حالة الانهيار في دول الشرق الأوسط بما يخدم مصلحة إسرائيل في النهاية.

الموقف المصري واضح في هذا الشأن ومنذ ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومصر لديها رؤية واضحة في مساندة ودعم الجيش الليبي كأحد أهم أركان الدولة الوطنية الليبية من أجل بسط نفوذه على كامل الأراضي الليبية، وبعدها يمكن إطلاق عملية سياسية شاملة لاستعادة الاستقرار والهدوء في كل ربوع الدولة الليبية.

مصر لديها حدود تمتد إلى أكثر من 1200 كيلومتر مما يضع أعباء باهظة على كاهل الدولة المصرية لتأمين حدودها الممتدة على كل هذه المسافات، وبرغم ذلك فقد نجحت مصر في ضبط حدودها مع ليبيا، وانعكس ذلك على الحد من الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وهو ما تعترف به الدول الأوروبية الآن.

من حق الشعب الليبي أن يستعيد دولته، وأن يستعيد أمنه وأمانه، ولن يحدث ذلك إلا من خلال بسط نفوذ الجيش الليبي على كامل الأراضي الليبية، وبعدها يصبح الطريق مفروشاً بالورد للحلول السياسية بعيداً عن بارونات الحرب وميليشيات الجماعات المسلحة والإرهابية.

* رئيس مجلس إدارة «الأهرام»

 

Email