أول الغيث....

ت + ت - الحجم الطبيعي

يصعب على أي إنسان سويّ استبعاد تمويل التنظيمات الإرهابية، بل والإغداق عليها بـ«كرم» حاتمي من قبل الدول والجهات التي تستخدمها في تنفيذ مخططاتها ولكن للأسف، أثارت القوى المعادية قدراً مهولاً من الضبابية، حتى اختلطت الأمور، فبات القتل والتخريب وإشعال الحرائق، يعتبر حقاً إنسانياً، واجب الاحترام والدفاع عنه، بينما التصدي له منبوذ ومكروه ويوصف بالقمع! وكان الرئيس السيسي قد حذر من خطورة تمويل الإرهاب وتداعياته الكارثية، موضحاً أن يوماً ما سيأتي ويعاني الرعاة والممولون من جرائم الإرهابيين، الذين، ويا للعجب، ما زالت بعض وسائل الإعلام الغربية تصفهم بـ«الجهاديين»؟ ويكفي إلقاء نظرة على المناطق التي احتلوها بدعوى إقامة الخلافة الإسلامية، لنرى مدى التدمير الذي لحق بهذه المناطق، خاصة في سوريا والعراق وليبيا.

وكما يقول المثل: «أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً»، فأصدرت منظمة الأمم المتحدة، قراراً بحظر تمويل هذه التنظيمات الإرهابية وحددت إجراءات مراقبة كيفية وصول المبالغ الباهظة، إلى هذه التنظيمات، عبر أساليب ملتوية ومضللة، والأكيد أن المنظمة الدولية أقدمت على إصدار هذا التشريع بعدما عانت دول عديدة من جرائم الإرهابيين، كما شهد العالم كله، في فرنسا وبريطانيا وعدد آخر من الدول، كان آخرها جريمة نيوزيلندا البشعة، وهي الجريمة التي أكدت أن الإرهاب، لا دين له ولا ملة، فكما استهدف إرهابي نيوزيلندا مسجداً يوم جمعة وقتل عشرات المصلين، كانت جريمة مسجد الروضة بسيناء، التي ذهب ضحيتها مئات المصلين، الذين لا ذنب لهم ولا جريرة، يوم جمعة أيضاً.

الأمر الملفت جداً للانتباه، ما جرى مؤخراً في فرنسا، حيث أوضح استطلاع للرأي أن خمسين في المئة من الفرنسيين، يؤيدون قيام حكم عسكري، لفترة محدودة، إذا وقعت عملية إرهابية جديدة في البلاد، ولم نسمع هنا، أي صوت، يخرج علينا، باستنكار الحكم العسكري، ناهيك عن الشعار الإخواني الكريه، القائل، يسقط حكم العسكر! فقد بدأ العالم يدرك ما عانته مصر وعبر عنه رئيسها بتحذيراته إلى من يمولون الإرهاب ويتوهمون أنهم، أو بالأحرى أن دولهم، ستكون بمنأى عن الجرائم الإرهابية.

وعلى المستوى الشعبي، بدأ الرأي العام يتفهم جدية مصر في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي كانت تخطط لتفتيت المحروسة، والتي أنقذتها العناية الإلهية، بتضافر جيشها الباسل مع شعبها الجسور، عندما هبت على أرضها الطاهرة أنبل ثورة في تاريخها، ثورة الثلاثين من يونيو.

وهذه الثورة إن كانت قد حمت مصر بكل تأكيد، فهي بلا شك قد حمت بقية الأقطار العربية، التي تعافت وتصدت لجبروت الإرهابيين، قوى وأدوات، بعدما كانوا يهددون وحدتها.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن القوات الفرنسية قد تصدت بحسم وبشدة، للمخربين من عناصر السترات الصفراء، وشاهدنا ومعنا العالم بأسره، كيف أبطلت الشرطة بحسم، حركة العناصر، التي بدعوى التظاهر وحرية التعبير، عاثت حرقاً وتدميراً وسطواً على أجمل معالم الشانزيليزيه، أحد أشهر شوارع العالم، وفي لقاء بتلاميذ إحدى المدارس قال الرئيس إيمانويل ماكرون للتلاميذ إنه يتفهم مطالب أصحاب السترات الصفراء، الذين تظاهروا سلمياً لتحسين أحوالهم المعيشية ولكنه لا يحب من قاموا بالتحطيم والاعتداء.

وما يتضح أكثر فأكثر الآن أن العالم بدأ يفيق ويدرك خطورة التساهل والتسيب، مع الإرهابيين تحت أي شعار كان، وأن كلمات الرئيس السيسي قد بدأت تجد آذاناً صاغية في تزايد مستمر.

Email