«يوم المرأة».. ووثيقة ميثاق بكين

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع إطلالة مارس من كل عام، تلوح في الأفق بشائر يوم المرأة العالمي، ليتذكر الرجال قبل النساء، المعاني والدلالات التي جعلت الجمعية العامة للأمم المتحدة تصدر قراراً بإجماع الأعضاء، بتحديد يوم للمرأة، وذلك إدراكاً وتقديراً من المجتمع الدولي للأدوار المجتمعية التي تسهم بها المرأة في بناء الأسرة وتطور المجتمع عبر العصور؛ وبهذه المناسبة العالمية الكريمة للمرأة هنأت «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، المرأة الإماراتية، والمرأة في كل مكان بـ«اليوم العالمي للمرأة» الذي احتفل به العالم في الثامن من شهر مارس الحالي قائلة سموها: «إنني أوجه تحية حب وإجلال وشكر لكل أم وأخت وزوجة وابنة على وجه الأرض، تقديراً لعطائها وتفانيها الدائم من خلال تماسك الأسرة والمجتمع وتطوره في جميع المجالات»، مؤكدةً أنه يحق للمرأة الإماراتية أن تفخر بالإنجازات التي تحققت لها، مما يجعلها شريكاً أساسياً في عملية التنمية، حيث أصبحت نموذجاً إقليمياً يحتذى به للكثير من النساء في العالم.

ومؤكدة أنه على المستوى الخليجي والعربي والعالمي، فقد أثبتت المرأة الإماراتية حضوراً متميزاً، واحتلت صدارة المبادرات والمشاركات العربية والخليجية في العديد من النشاطات والبرامج الاجتماعية.

وإنه لشرف كبير لنا، نحن النساء، أن يمر اليوم العالمي للمرأة، ونحن نرفل في عالم اتسعت فيه الفضاءات الرحبة للمرأة، وفي تقديري أن صيف عام 1995 كان علامة فارقة في حركة المرأة بقيادة اتحاد النساء العالمي، التي توجت جهود قيادات نسوية، بانعقاد مؤتمر المرأة العالمي في العاصمة الصينية (بكين)، والذي شاركت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بوفد رفيع المستوى.

لقد خرج هذا المؤتمر الاستثنائي بوثيقة (ميثاق) بكين، التي وقّعت عليها معظم الدول التي شاركت في المؤتمر، مع تحفظ ممثلي الدول العربية والإسلامية على بعض التوصيات المتعلقة بحقوق المرأة، مثل: «الإجهاض- والمثلية الجنسية- وحق العصمة».

وسوف أشير هنا إلى أهم بنود الاتفاقية التي تحفظت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة تحديداً.

فمع الأهمية التاريخية الكبرى والنجاحات التي تحققت للمرأة، دفاعاً عن حقوقها الأدبية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال العقود السابقة، إلا أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، تعتبر في تقديري إحدى أهم العلامات الفارقة في مسيرة المرأة، دفاعاً عن حقوقها المسلوبة. ومع أهمية هذه الاتفاقية، فإن أعداداً كبيرة من النساء لا علم لهن بها وبما تضمنته بنودها، ولعل مناسبة «يوم المرأة العالمي» فرصة مناسبة للتعريف بأهم بنود هذه الاتفاقية الهامة.

في سبتمبر عام 1979، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة ثم اعتمدت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المكونة من 30 مادة، ودخلت حيز التنفيذ الفعلي في سبتمبر 1981، ولم يمض وقت طويل حتى صادقت عليها 172 دولة، أي نحو 91% من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، واعتبر ذلك أكبر انتصار حققته نساء العالم على الصعيد الدولي.

وقد قامت دولة الإمارات، عبر وزارة الخارجية، بتقديم إفادات (تقارير) دورية، تبين ما تم تنفيذه من بنود تلك الاتفاقية، من خلال اللجنة الوطنية التي تم تشكيلها من ممثلين لوزارات: «الخارجية- والشؤون الاجتماعية- والعدل- ووزارة الدولة لشؤون المجلس الوطني- والاتحاد النسائي العام»، وجرت العادة أن تتابع هذه الجهات وترصد التحولات والإنجازات التي تضاف إلى رصيد المرأة في الإمارات، وأي مكاسب تحققت بعد التصديق على الاتفاقية، مثل دخول المرأة عبر بوابة الانتخابات إلى المجلس الوطني، وتعيينها في مجلس الوزراء، وأي تدابير تشريعية أو اجتماعية تم تنفيذها لصالح المرأة.

وكما هو معلوم: فإن هنالك لجنة دولية تم تشكيلها بموجب المادة 17 من الاتفاقية، لمتابعة آليات التنفيذ التي اتخذتها الدول، وتتكون اللجنة من 18 خبيراً دولياً، ارتفع عددهم إلى 23، تنتخبهم دولهم من المشهود لهم بالكفاءة في قضايا المرأة والأسرة والطفل.

وحول موقف دولة الإمارات من الاتفاقية، تجدر الإشارة إلى أن الإمارات مع أنها صادقت على الاتفاقية، إلا أنها تحفظت على بعض موادها، كالمواد: (2) و(5) و(9) و(16) ورقم (29).. وذلك بسبب مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية.

والقيم والأعراف السائدة في المجتمع وسيادة الدولة، كما يلاحظ أن دولة الإمارات لم توقّع على البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية، الذي صار نافذاً في 22 ديسمبر 2000، والمكون من 21 مادة.

والقارئ لبنود الاتفاقية لا تفوته ملاحظة أن المرأة حققت مكتسبات كثيرة من هذه الاتفاقية، لعل من أهمها المواد التي تكفل الحقوق التالية: 1-حث الدول على الإسراع بالمساواة وإلغاء التمييز، 2-مكافحة الاتجار بالنساء واستغلال ضعفهن البدني، 3-حق الحصول على الجنسية وحق أطفالها في اكتساب جنسيتها، 4-حق اختيار المهنة والمساواة في الترقي والأجر المتساوي، 5-حق المساواة أمام القانون، 6-القضاء على التمييز بشأن الزواج والعلاقات الأسرية، 7-الحق في التصويت والترشيح والمشاركة في الحياة السياسية.

بقي أن أقول إن المرأة الإماراتية لها أن تفخر بما تحقق لها من حقوق دون تمييز، وما حققته هي في كافة مناحي الحياة، حيث أثبتت جدارتها في تولي كل الوظائف والمهام التي أسندت لها، في ظل قيادة رشيدة ومدركة بأهمية حقوقها ومكانتها الأسرية في المجتمع.

Email