شعلة أمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

جابت «شعلة الأمل» الخاصة بالأولمبياد الخاص للألعاب العالمية 2019، التي تستضيفها عاصمتنا الحبيبة أبوظبي، شوارع إماراتنا، وزار الوفد المرافق أبرز المحطات والمعالم داخل دولتنا، في تقليد عالمي خاص بهذه البطولة الإنسانية، بطولة أصحاب الهمم.

ولكن هذه الجولة في وطننا كان لها معنى خاص، فهي في دولة ترعى قيم الإنسانية بشتى أنواعها، وتولي عناية خاصة بأصحاب الهمم، حتى هذا المصطلح تم تخصيصه ليكون عنواناً مغايراً لهذه الفئة التي رغم ما تعانيه من صعوبات فإنها قادرة على التحدي، قادرة على العطاء، هممها عالية رغم كل الظروف، وقياداتنا كانت وما زالت مؤمنة بهذا الأمر فغيرت حتى مسماهم ليتناسب مع إنسانيتهم، وتشحذ فيهم الهمم.

أبوظبي تحتضن أصحاب الهمم من شتى بقاع الأرض في استضافة استثنائية، في وطن الإنسانية، وطن التسامح، وطن الإنسان هو الأهم مهما اختلف لونه وعرقه ومهما كانت قدراته، ومهما شاءت ظروفه، في وطن الاعتزاز بالروح الإنسانية، بالهمم البشرية التي إن أرادت تحطم الجبال وتصنع المستحيل، عاصمتنا ستعطي الأولمبياد إضافة رائعة بتعميق الروح الإنسانية في محاولة لشد الانتباه إلى عزم أصحاب الهمم وهامتهم العالية وروح التحدي الذي يستحق من كل فرد منا أن يرفع القبعة احتراماً لأبطال توجتهم الحياة أبطالاً حتى قبل دخولهم منافسة الأولمبياد وتحدي الربح والخسارة، فهؤلاء ومن على شاكلتهم ممن لم يشاركوا في هذه الدورة هم المعني الحقيقي للأبطال.

أصحاب الهمم مهما اختلفت مسمياتهم حول العالم، هؤلاء من يجب الالتفاف حول تمكينهم والاستفادة من قدراتهم ومواهبهم، فلم يحرمهم الله من شيء إلا أعطاهم شيئاً أعظم بالمقابل، فهم يتمتعون بقدرات خارقة تخرج عندما نذلل جميع الصعوبات الحياتية التي تواجههم، عندما نرسم على وجوههم الابتسامة، وأي ابتسامة أعظم من ابتسامة التحدي التي تؤدي إلى النصر والفوز، ابتسامة المركز الأول، ابتسامة الحصول على الذهبية، ورفع اسم الوطن عالياً، وتسجيل إنجاز جديد تتوج من بعده النجاحات، هذا هو الهدف من الأولمبياد الخاص، ونحن على ثقة أن هذه الدورة التي تستضيفها دولتنا ستكون مغايرة تماماً، فالترحيب والاهتمام والرعاية التي يحظى بها المشاركون في البطولة مغايرة وفي أعلى درجات الرقي والخدمة المتميزة، هم متميزون بمجهوداتهم وجاؤوا لوطن التميز، فلقاء المتميزين بوطن التميز قَدَرٌ سيُكتب بأحلى صوره، وأجمل معانيه.

شعلة أمل ستصبح نوراً يزيل الظلام، ويبدد أي مظاهر للعنصرية تجاه هذه الفئة، والعنصرية التي نقصدها ليست بمعنى الازدراء، إنما حرمان هذه الفئة من حقوقهم والتسهيلات التي يجب تقديمها لهم، وهذا لا ينطبق على الالتزام الحكومي أو التنظيمي تجاه هذه الفئة فحسب، إنما أيضاً الالتزام الأخلاقي في التعامل البشري، فوصول شعلة الأمل أرضنا ودولتنا وجولتها بين إماراتنا ومعالمنا ما هو إلا التزام بأننا نحترم حقوقهم ونسهم كل حسب مقدرته ومكانته وصلاحياته بأن نكون يد العون لأصحاب الهمم، وبأن يحمل كل منا على عاتقه كيفية مساعدتهم ودعم انخراطهم في المجتمع بشكل طبيعي وسلس، واتخاذ مكان المشارك في دعمهم وتشجيع أحداثهم وفعالياتهم وبطولاتهم.

شعلة أمل في وجه أعداء الحياة، شعلة أمل في وجه الظروف القاهرة، بوجه الصعوبات، هكذا آمن هؤلاء الأبطال بشعلتهم فأشعلوا بداخلهم حماساً تتفجر منه الإيجابية، يتفجر منه حب الحياة، حب تكتب فصوله بألوان الزهور، هذه الشعلة يجب أن ننظر إليها لتكون نبراس أمل في نفوسنا من أجل تحقيق ما نريد في هذه الحياة، ومواجهة جميع الصعوبات التي تعترضنا، فلا أصعب ولا أمرّ من الإعاقة والظروف المرضية إلا أن هؤلاء يقولون لنا إن الإعاقة ما هي إلا إعاقة العقول التي تحول بيننا وبين النجاح، تحول بيننا وبين الصعود إلى القمم، هم أصحاب همم علمونا كيف نرتقي لنصبح خير الأمم، ففي إصرارهم وقوة إرادتهم أقوى الحكم.

دولتنا تمضي في عام التسامح مزيلة أمامها جميع الجبال العنصرية التي راكمتها الأيام وغذتها ولعبت على شاكلتها وإشكالياتها ضعاف النفوس، فمن لقاء الأخوة الإنسانية، لموعد آخر مع معنى جديد للإنسانية «الأولمبياد الخاص» نحن أمام أعظم معاني التسامح، التسامح مع الذات البشرية السمحاء، في محاولة إماراتية لإحياء مفاهيم التعايش مع جميع البشر والتصالح مع ظروفهم وحاجياتهم التي تستدعي منا التكاتف والتعاضد والتآزر في سبيل حفظ حقوق البشر وحقهم في التعبير عن ذواتهم بمختلف الأشكال، وهذا ما تسعى دولتنا يوماً بعد يوم إلى إيجاده وترسيخه.

ومن هنا ومن هذا المقال أعلن دعمي ومؤازرتي لهذه البطولة، لهذه الفئة، وأتمنى لهم الاستمتاع في أجواء التحدي على أرض دولتنا، دولة الإمارات المكان الأمثل لبناء جسور التصالح الإنساني، المكان الأمثل لكل من يريد أن يصنع الإنجاز والنجاح، وطن النجاحات يرحب بكل بطل حمل حلم وطنه على كتفه وصعد حلبات النزال ليكون هو المتفوق، ليقف من بعدها هناك على منصة التتويج، ونحن، المواطنين، كلنا فخر بوطننا، وهو يجسد مكانة متميزة يوماً بعد يوم في جميع المحافل والميادين.

ويستضيف كبريات البطولات الرياضية العالمية، والدعم كل الدعم لأبطال الإمارات من أصحاب الهمم، وتحية تقدير لـ محمد فاضل الهاملي رئيس مجلس إدارة اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين، لما يبذله وأعضاء مجلس الإدارة وفريق عملهم من جهود جبارة لإخراج مواهب أصحاب الهمم وتحويلهم لأبطال عالميين يرفعون علم الإمارات في ميادين البطولات العالمية.

* كاتب وإعلامي

 

Email