عروبة أفريقيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

عشنا الأيام الماضية مشاهد مضيئة في أفريقيا، مصر ترأست يوم العاشر من فبراير عام 2019 الاتحاد الأفريقي، الرئيس عبد الفتاح السيسي تسلم مطرقة الاتحاد وسط حفاوة عظيمة من القادة والرؤساء الأفارقة.

هذا الحدث لاقى صدى واسعاً وارتياحاً كبيراً في أوساط الدول العربية، سيما أن أي تقدم تحرزه مصر يصب في مصلحة الدول العربية الوطنية، فالتحديات والمصير مشترك.

إذ كانت مصر الدولة والتاريخ تشهد على الدور العظيم الذي قدمته في الخمسينيات والستينيات من أجل تحرر واستقلال أفريقيا، علي يد الزعيم جمال عبد الناصر، فها هي مصر الدولة والتاريخ أيضاً تكتب الآن مشهداً جديداً وفصلاً مشرفاً في سجل عروبة جديدة، العروبة الأفريقية، فالمسافات التي تقطعها مصر في تحقيق التنمية والاستثمار ومكافحة الإرهاب في القارة قطعاً ستصب في مصلحة الأمن القومي العربي.

فاستقرار مصر مؤشر قوي لاستقرار المنطقة، بل نقطة ارتكاز يتم البناء والقياس عليها في تقديرات المواقف الإقليمية.

القارة السمراء أصبحت حلماً لدى قوى عديدة في العالم، الجميع يتسابق على توسيع دائرة نفوذه بالقارة بدءاً من فرنسا وبريطانيا، وأمريكا والصين وتركيا وإسرائيل وصولاً إلى الاستثمارات الظلامية لدويلة قطر التي تدعم وترعى التنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي هذا العام جاءت في توقيت محوري لمواجهة التحديات التي تحدق بالقارة، وللتأكيد على الوحدة ولم شمل القارة في مواجهة المطامع التي تتسابق عليها.

مصر جزء من الأمة العربية تعمل على تكامل وحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامي، تنتمي إلى القارة الأفريقية، وتعتز بامتدادها الآسيوي، وتسهم في بناء الحضارة الإنسانية.

إذاً فكرة العروبة قائمة مهما اقتربت أو ابتعدت الجغرافيا، وهي مشروع وحلم تحرص عليه الدولة المصرية، وتسعى إلى تعميقه.

الرئيس السيسي منذ أن تولى القيادة السياسية في يونيو 2014 كان حريصاً منذ اللحظة الأولى على تأكيد هذه الفكرة والمشروع إذ قال في خطابه الأول: «مصر قلب العروبة النابض، وعقلها المفكر، منارة العالم الإسلامي، ومركز إشعاع علوم الدين، بوسطيته واعتداله، بنبذه للعنف أيا كانت دوافعه، وللإرهاب أيا كانت بواعثه، مصر الإفريقية الجذور والوجود والحياة، رائدة تحرير واستقلال القارة السمراء، وثغر المتوسط، فخر الحضارة، وسجل أمجاد التاريخ»، وهذا ما عكسته أسس وآليات السياسة الخارجية تجاه أفريقيا في عهد الرئيس السيسي فتؤكد حركة السياسة الخارجية المصرية على مختلف الأصعدة والمحافل الإقليمية والدولية، علي الأهمية التي توليها مصر للقارة الأفريقية، بما يؤكد ويرسخ هوية وانتماء مصر الأفريقي.

فالخطاب السياسي للرئيس السيسي، تجاه قارة أفريقيا منذ عام 2014 يحرص على تأكيد ثوابت عديدة، في مقدمتها إعلاء شأن انتماء مصر الإفريقي، والاعتزاز بهويتها الأفريقية، انطلاقاً من أن انتماء مصر لمحيطها الأفريقي يعد مكونا رئيسيا من مكونات «الهوية» المصرية على مر العصور، وعنصرا محوريا في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية هذا فضلا عن التأكيد المصري – في أكثر من مناسبة – على أهمية الأجندة الخمسينية للقارة الأفريقية، والمعروفة باسم «أجندة 2063».

حيث أكد الرئيس السيسي أن «أجندة 2063» تجسد آمالنا الأفريقية في تحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية التي يستحقها مواطنوها، وهنا واجب علينا التأكيد على دعم الجهود الرامية لتعزيز الاستقرار السياسي والأمني في دولنا لاسيما أن مستقبل مصر والعرب لا ينفصل عن مستقبل إفريقيا.

 

 

Email