الإمارات والثورة الصناعية الرابعة

يقول سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي: «نعزز ريادتنا المستقبلية من خلال تأسيس مركز الإمارات للثورة الصناعية الرابعة بالتعاون مع منتدى دافوس، وهو المركز الأول عالمياً الذي سيحصل على زمالة المنتدى، وستتولى مؤسسة دبي للمستقبل إدارة المركز الجديد الذي يمثل إضافة جديدة للتعاون بين الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي».

بينما يقول كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي: «لا تخلق الثورة الصناعية الرابعة خللاً في مجال العمل فحسب، وإنما تخلق أزمة بسبب النقص في المهارات الحديثة التي تتطلبها، وعليه، فإننا نواجه أزمة مواهب عالمية».

هذا يعني أننا بحاجة إلى عقلية جديدة وطرق تفكير لتكييف نُظمنا التعليمية مع التعليم الذي تحتاجه القوى العاملة المستقبلية.. وترى سعدية زهيدي رئيسة قسم التربية، والمساواة بين الجنسين والعمل، لدى المنتدى الاقتصادي العالمي: «لا بد لاستراتيجيات الدول لتطوير رأس المال البشري أن تعتمد على هيكل الدولة الديموغرافي، فكل دولة قد تقع في خطر خلق «أجيال مفقودة» إذا ما فشلت في اعتماد نهج أكثر شمولية يرعى المواهب ويأخذ بعين الاعتبار نهجاً استباقياً لإدارة الانتقال من التعليم إلى ميدان العمل وإلى التعلم المستمر واكتساب المهارات والخبرات».

وكما أشرنا في مقال سابق يعتبر «رأس المال البشري» المخزون الاستراتيجي لأي دولة تتطلع لبناء مستقبل مشرف ومستدام، يستجيب لطموحات الحاضر ويلبي توقعات الأجيال القادمة، وهذا هو المقصود من مفهوم الاستدامة.

ويتفق علماء الاجتماع الإداري على أن التنمية بمفهومها الشمولي، وبأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، صارت مطلباً لا غنى عنه ولا سبيل للتراجع دونه، ذلك أن التنمية أصبحت الجسر الذي تعبر من خلاله المجتمعات النامية والناشئة، للمضي قدماً لبلوغ الرفاهية الاجتماعية بحسبانها الهدف النهائي للتنمية المستدامة.

وقد أجمعت آراء لفيف من العلماء والخبراء على أن «التنمية البشرية» تعد أهم ركائز التنمية المستدامة، وقد تأكد منذ مطلع الألفية الجديدة أن الدول التي انطلقت من كونها دولاً نامية إلى مستوى دول متقدمة، ما كان لها أن ترتقي إلا لأنها ركزت على بناء قدرات البشر، ولعل ذلك ما جعل التنمية البشرية تحتل موقع الصدارة في سلم أولويات استراتيجيات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دولة الإمارات.

ومن هذا المنطلق وتلك الرؤى أن ترسيخ علاقات التعاون والشراكة الدولية يمثل ركنا أساسياً هاماً لتوجهات دولة الإمارات، ومحوراً لجهودها المتواصلة في تطوير أدوات وآليات جديدة لصناعة المستقبل.

والتي بشّر بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل 18 عاماً، في كلمته التي ألقاها في مؤتمر «دافوس» وعياً وإدراكاً من سموه بمتطلبات المستقبل وحتمية التغيير وحتمية التعامل معه بجرأة، عندما قال سموه: «في زماننا هذا يحدث التغيير بسرعة غير مسبوقة، ويخلق واقعاً جديداً تماماً يؤثر على كافة جوانب حياتنا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، وتكملة لتلك الرؤى والجهود والتطلعات الاستشرافية المستقبلية».

شهد سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، توقيع اتفاقية تأسيس مركز الثورة الصناعية الرابعة في دولة الإمارات. ضمن مشاركة سموه في أعمال الدورة التاسعة والأربعين للمنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» والذي ترأس سموه وفد الدولة المشارك في الاجتماعات بمنتجع «دافوس» في سويسرا.

ويهدف المركز المزمع تأسيسه، إلى تطوير آليات وخطط عمل وتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في دولة الإمارات، والمساهمة في تبني التكنولوجيا وأفضل الممارسات في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ما يعزز توجهات قيادة الإمارات في أن تصبح الدولة نموذجاً عالمياً رائداً في المواجهة الاستباقية لتحديات المستقبل، وتطويع الأدوات التي توفرها الثورة الصناعية الرابعة لخدمة المجتمع.. ويسلط مركز الثورة الصناعية الرابعة الضوء على: " آليات تنفيذ خطط العمل والسياسات والاستراتيجيات في مجال تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة في دولة الإمارات، والمساهمة في تطوير التقنيات وأفضل الممارسات في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، وإنشاء شبكة مشتركة من الخبراء العالميين لدعم مشاريع الثورة الصناعية الرابعة.

إن اهتمام دولة الإمارات الذي جعل الإنسان يتصدر أولوياتها، كان وسيظل العنصر الدافع لبلوغ مراحل متقدمة لتحقيق آمال وتطلعات مجتمع الإمارات نحو التنافسية العالمية، وبهذا تكون دولتنا تسابق الركب للحاق بالدول المتقدمة.

إن قادة دولة الإمارات يستشرفون المستقبل، ويراهنون على العنصر البشري، متخذين من الثقافة والعلم -والتقدم التكنولوجي- وتنمية الإنسان أجنحة للطيران نحو المستقبل والتنمية البشرية المستدامة.