الحرب التجارية الأميركية الصينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من المتوقع أن يجتمع الرئيس ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ في الأرجنتين في اجتماع قمة مجموعة العشرين، وهو يضم أهم 20 اقتصاداً في العالم.

والهدف هو وقف الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكن لم يحدث اللقاء الذي يكفي لمناقشة هذه القضية.

ويشير لاري كودلو، مدير المجلس الاقتصادي الوطني بالبيت الأبيض، إلى أنه بالإمكان تحقيق تقدم في هذا الشأن، رغم أن هذا الأمر غير مرجح. كما يبدي العديد من المراقبين الخارجيين تشاؤمهم أيضاً.

والأكثر تفاؤلاً بينهم يتوقعون عقد هدنة. كل طرف من شأنه أن يؤخر اتخاذ مزيد من الإجراءات التجارية ضد الطرف الآخر، في حين يحاول المسؤولون في البلدين التوصل إلى ترتيب دائم للهدنة، أو وقف مؤقت لها من أجل إجراء جولة أخرى من المفاوضات، بحسب ما أبلغت شركة «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية عملاءها.

وقد قامت إدارة ترامب بالفعل بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات صينية قيمتها 50 مليار دولار و10% على سلع أخرى بقيمة 200 مليار دولار. وقالت الإدارة الأميركية إنها مستعدة للسماح برفع الرسوم الجمركية بنسبة 10 في المئة إلى 25 في المئة مطلع يناير في العام الجديد.

وقد ردت الصين بفرض تعريفات جمركية، ومن المفترض أنها ستعتمد فرض حواجز تجارية مناهضة لأميركا. وإذا لم ينجح ذلك، فإن ترامب يهدد بفرض التعرفة الجمركية على 267 مليار دولار أخرى من الواردات الصينية.

وقد يعتقد كل جانب أن موقفه التفاوضي أقوى مما هو عليه، كما يوضح الخبيران الاقتصاديان ديفيد دولار وإيسوار براساد من معهد بروكنغز الأميركي. ويعتقد الخبيران أن اقتصاد الصين يتباطأ، لذلك لن ترغب الصين في جعل الأمور أكثر سوءاً من خلال الدعوة لفرض مزيد من التعريفات الجمركية، مما يشكل ضربة أخرى لصادراتها.

وعلى الرغم من أن هذا المنطق يبدو سليماً، إلا أنه قد يكون أضعف مما يتوقعه الأميركيون. ويبدو تراجع النمو الاقتصادي الصيني متواضعاً حتى الآن. في عام 2017، نما الناتج المحلي الإجمالي في الصين بنسبة 6.9 في المئة؛ وبالنسبة لعام 2018، يتوقع وصول النمو عند 6.6 في المئة، حسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

وعلاوة على ذلك، فإن المؤشرات الاقتصادية الأخيرة، مثل الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة تبدو قوية الأداء للغاية، كما يقول براساد. ومن الممكن حتى أن توفر «الحرب التجارية» غطاءً سياسياً للقيادة الصينية لتقبل نمو أقل، وتبرر ذلك نتيجة الحرب التجارية الأميركية.

أما بالنسبة للصينيين، فقد يعتقدون أنهم يستطيعون إرضاء ترامب بالوعد بشراء المزيد من الصادرات الأميركية. لكن مظالم الولايات المتحدة مع الصين تتعمق أكثر. فتجد الشركات الأجنبية - بما فيها الشركات الأميركية - صعوبة في التنافس في الصين وتقول إنها تعتبر أهدافاً للقواعد التمييزية وممارسات الاستثمار الصينية.

وفي خطاب قاسٍ في أكتوبر الماضي، وصف مايك بنس نائب الرئيس الأميركي الأمر على هذا النحو: تطالب بكين الآن العديد من الشركات الأميركية لتسليم أسرارها التجارية مقابل ممارسة الأعمال التجارية في الصين. وتعتبر وكالات الأمن الصينية العقل المدبر لسرقة التكنولوجيا الأميركية بالجملة، بما في ذلك المخططات.

ويتعين على الصين الالتزام بشراء المزيد من السلع الأميركية، بما في ذلك المنتجات الزراعية والغاز الطبيعي. وستشدد واشنطن على حماية الملكية الفكرية.

ويمكن للشركات الأجنبية التحكم بشكل أفضل في تقنياتها وأسرارها التجارية. ولكن هذا لن يجدي في التخلي عن سياسات الصين الصناعية المتمثلة بدعم الصناعات الحيوية، بدءاً من الصناعات الجوية إلى رقائق الكمبيوتر. ويطالب بعض صناع السياسة الأميركيون بعدم إتمام أي صفقة مع الصين ما لم تستسلم بالكامل، وهو الأمر الذي من غير المرجح أن يحدث.

إذا كان الأمر كذلك، فإن الحرب التجارية قد تصبح لاعباً ثابتاً في الاقتصاد العالمي.

* محلل اقتصادي

 

Email