رؤية مصر الاستراتيجية في الأمم المتحدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على الوجود الدائم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة لتوصيل رسالة مصر إلى العالم كله، وهي المهمة التي تكللت بالنجاح وظهرت مؤشرات ذلك في العديد من القضايا أبرزها:

أولاً: ما يتعلق بقضية الإرهاب وضرورة أن يكون هناك تحالف دولي لمواجهته، وكان أول من أطلق ذلك النداء هو الرئيس عبد الفتاح السيسي، والآن بات العالم مقتنعاً بتلك الفكرة ومؤيداً وداعماً.

ثانياً: الحفاظ على الدولة الوطنية وضرورة عدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وكانت الولايات المتحدة الأميركية من أكثر الدول تدخلاً في الشؤون الداخلية للدول الأخرى خاصة دول الشرق الأوسط، والآن بدأت الإدارة الأميركية والدول الأوروبية تراجع مواقفها، وأصبحت أكثر اقتناعاً بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى تحت أي مسمى.

ثالثاً: رؤية مصر المتعلقة بمعالجة أزمات المنطقة مثل الأزمتين السورية والليبية وضرورة الحفاظ على وحدة هذه الدول، وعدم تغيير النظام السوري بالقوة، وترك الأمر لمواطني سوريا، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والليبية، وقد تغيرت مفاهيم الكثير من الدول الفاعلة الكبرى والإقليمية تجاه ما يحدث في الدولتين لتتطابق مع الرؤية المصرية.

في الدورة الجديدة للأمم المتحدة وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي مخاطباً العالم ليؤكد رؤية مصر تجاه الأمم المتحدة وقضايا العالم المختلفة، وفى اليوم نفسه الذي وقف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منتشياً بقرار إدارته بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسى أعلن عصر ذلك اليوم بكل قوة أن مصر تقف مع حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

أراد الرئيس التأكيد على ثوابت السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية رغم حميمية العلاقات مع أميركا، لأن مصر لا يمكن أن تكون تابعة لأحد، والعلاقات الاستراتيجية مع أميركا وغيرها يتم توظيفها لصالح دول المنطقة وليس العكس، وهو الموقف نفسه الذي أكده الرئيس وهو ضرورة إحلال السلام العادل والدائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة.

أيضاً، فقد أطلق الرئيس 3 مبادئ أساسية تحكم رؤية مصر تجاه الأمم المتحدة هي:

أولاً: احترام مبدأ الدولة الوطنية القائم على مفاهيم العدالة والمساواة، باعتبار أن الإيمان بهذا المبدأ كفيل بحل الكثير من الأزمات العالمية بشكل عام وأزمات المنطقة العربية بشكل خاص مثل أزمات سوريا واليمن وليبيا.

ثانياً: ضرورة الالتزام بالحلول السلمية للمشكلات الدولية، وضرب نموذجاً بالقضية الفلسطينية باعتبارها دليلاً على عجز النظام الدولي عن إيجاد حلول للمشكلات الدولية، مؤكداً للمرة الثانية وفى ذات الخطاب ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس باعتبار ذلك هو الحل الوحيد للأزمة.

ثالثاً: الالتزام بالتنمية الشاملة والمستدامة وإصلاح هيكل المنظومة المالية العالمية من أجل استعادة مصداقية المنظمة الدولية أمام شعوب الدول النامية.

في مقابل تلك المبادئ، طرح الرئيس 3 قضايا رئيسية يمكن أن تكون إطار عمل للمنظمة الدولية خلال المرحلة المقبلة وهي:

أولاً: تفعيل الشراكة بين الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى مثل الاتحاد الأفريقي وذلك في إطار نقل الخبرات وتفعيل القرارات والنظم المشتركة.

ثانياً: ضرورة استكمال التعهدات الأممية بمكافحة الإرهاب والتركيز على عقد مؤتمر لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى التجربة المصرية في هذا المجال، وعملية سيناء 2018 التي أطلقتها مصر لمكافحة الإرهاب.

ثالثاً: التمكين الاقتصادي والسياسي للمرأة باعتبارها نصف المجتمع وتذليل جميع العقبات التي تعترض ذلك.

على هامش الزيارة التقيت الوزير سامح شكري وزير الخارجية وسألته عن نتائج الزيارة، أجاب: الزيارة هذه المرة كانت أكثر من ناجحة، حيث شهدت العديد من اللقاءات والاجتماعات الثنائية بالكثير من قادة دول العالم والوفود المشاركة، وكان هناك الكثير من الطلبات الأخرى المقدمة لعقد لقاءات ثنائية أخرى لكن ظروف الوقت لم تسمح بذلك، حيث تم عقد أكثر من 20 اجتماعاً ثنائياً إضافة إلى الاجتماعات العامة مثل قمة نيلسون مانديلا، وغرفة التجارة الأميركية ومجلس التفاهم الأميركي، ومجموعة الـ 77، والاجتماع رفيع المستوى المخصص للاستعراض الشامل للوقاية من الأمراض غير المعدية، وافتتاح جناح الاستثمار المصري في الأمم المتحدة.

وكذلك المشاركة في الحوار رفيع المستوى حول تنفيذ اتفاق باريس الخاص بتغيير المناخ. وأضاف: العلاقات المصرية الأميركية بدأت تعود إلى مسارها الطبيعي في إطار العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين وعودة الحوار الاستراتيجي مرة أخرى، وكذلك عودة مناورات النجم الساطع، بما يؤكد نجاح الجهود المشتركة لتذويب الخلافات بين الدولتين، وقد ظهرت نتائج ذلك في الإفراج عن جزء من المساعدات الأميركية التي كانت محتجزة.

وماذا عن أزمات المنطقة خاصة أزمات سوريا وليبيا واليمن؟! أجاب الوزير سامح شكري: مصر لديها رؤية واضحة في هذا الإطار، وقد طرحها الرئيس أمام الجمعية العامة وغيرها من المحافل الدولية، وما حدث من تطورات في تلك الأزمات يؤكد صحة الموقف المصري سواء بالنسبة للأزمة السورية وضرورة حلها بالطرق السلمية، وكذلك الأزمة الليبية وضرورة توحيد الجيش الليبي والمؤسسات الوطنية بعيداً عن الميليشيات، وهناك تفهم دولي للرؤية المصرية ما يساعد على إمكانية الخروج من تلك الأزمات في المستقبل القريب.

 

 

Email