حقوق الإنسان الضائعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتملك المرء دهشة عميقة إزاء هول تدفق التقارير والتصريحات المنهمرة من الغرب، وخاصة منظمات «حقوق الإنسان» واتهاماتها الجزافية لمصر، مع عناد مستمر باستفزاز الشعب المصري قبل القيادة المصرية، وذلك بوصف أكبر ثورة في تاريخ البشرية بـ«الانقلاب!!!»، وليدلني أحد على تجمع بشري ضم ما بين خمسة وثلاثين إلى أربعين مليون مواطن على مر التاريخ.. وهذه الواقعة وحدها تفضح أية ادعاءات بالوقوف إلى جانب الشعوب والدفاع عن حقها في الحرية والديمقراطية إلخ..

لا سيما وقد عانينا الأمرين من جراء حكم جماعة الإخوان ولم نسمع صوتاً، ولو هامساً يدين الممارسات القمعية والتهديد بالقتل، بل والقتل فعلاً في معظم الأحيان.. هل خرجت واحدة من هذه المنظمات مثلاً تدين الحادث الإرهابي المروع بقتل مئات المصلين في مسجد الروضة بسيناء، هل صدرت إدانة أو استنكار لحادث دمشاو بالمنيا، وكأن ضحايا الإرهابيين لا يصنفون «إنساناً» بنظر هذه المنظمات، التي تعتبر أكبرها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. هل سمع أحدكم صوت المفوضية الدولية تجاه ممارسات السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، هل نبست المفوضية المعنية بحقوق الإنسان ببنت شفة حيال طرد سلطات الاحتلال للفلسطينيين من مساكنهم وإطلاق وحوش الاستيطان للإقامة في أماكنهم؟..

هل علت وجوه هذه المنظمات حمرة الخجل أمام مساندة الدول الغربية وخاصة أميركا وبريطانيا، لأعتى التنظيمات الإرهابية، خصوصاً داعش وتسليحها لدمار سوريا وليبيا، على سبيل المثال لا الحصر.. هل أبدت المنظمات الحقوقية هذه أي استياء من قرار واشنطن الذي ازدرى القانون الدولي بأن أنعم على إسرائيل بالقدس عاصمة للدولة اليهودية وقرر حرمان الشعب الفلسطيني من مساعدات وكالة غوث اللاجئين الأونروا، لإبادة شعب تخنقه سلطات الاحتلال.

أية مصداقية لمفوضية، تصاب بالخرس إذا عاث الإرهابيون قتلاً وتفجيراً، بينما تكاد تصرخ بأعلى صوت عندما تطبق سلطات الدولة القانون ومعاقبة هؤلاء الجناة، والذين تؤكد ممارساتهم فعلياً أنهم أبعد ما يكونون عن خانة الإنسان.. والمذهل أن هذه المنظمات تلطم الخدود وتشق الجيوب، قهراً وحزناً على فض اعتصام رابعة وكأن المعتصمين كانوا يتسمون بسلمية أسطورية ولا وجود لقطعة سلاح واحدة معهم.. ولم تسجل هذه المنظمات الحريصة حرصاً شديداً على حقوق الإنسان، تهديداً واحداً من تلك التهديدات التي كانت تطاردنا ليل نهار، وهي بالمناسبة مسجلة صوتاً وصورة.. ومن أكثر ما أحزننا نحن المصريين، تطاول رئيسة المفوضية، رئيسة تشيلي السابقة، على القضاء المصري الذي يحاكم الخارجين على القانون بما ينص عليه هذا القانون وأمام محاكم مدنية لا أعتقد أن لدى السيدة التشيلية جزء ضئيل من صبرها.. ليت الدول التي ترعى هذه المنظمات تشرح لنا من هو الإنسان في نظرها، هل هو فقط من يقتل ويفجر ويدمر بحرية كاملة أم أن الإنسان هو الضحية؟ لقد سئمنا تزييف الحقائق بدعاوى كاذبة، فلم ننس بعد ما لحق بالعراق من مآسٍ وتخريب ودمار بدعوى إرساء الديمقراطية، وما زلنا نعيش كابوس ليبيا وتتابع قلوبنا المرهقة حال سوريا التي استباحها آلاف الإرهابيين من مختلف أنحاء العالم، ولن ننسى ما كان يخطط لمصر التي أنقذ وحدتها شعبها وحمى وحدة أراضيها مع جيشها العظيم وهو ما يفسر استمرار الحرب التي آخر تجلياتها إدانة مصر في مجال حقوق الإنسان. إنسانهم هم.

Email