أم الإمارات.. أم العطاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمر يوم ٌ إلا وتطالعنا نشرات الأخبار بالعطاء الإنساني لدولتنا، دولة الإمارات العربية المتحدة، والعطاء يجري مجرى الينابيع تدفقاً. فمنه ما يكون لأبناء الإمارات ليزدادوا رفعةً وسعادة، ومنه ما يكون لكل معسرٍ أو محتاج من المقيمين على أرض الإمارات من العرب أو الأجانب، ومنه ما يكون للدول التي تعاني من الحروب أو النزاعات المسلحة أو الكوارث الطبيعية.

ولعل من أبرز شخصيات العمل الإنساني اليوم سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، فقد كانت في عهد الشيخ زايد طيب الله ثراه، الرائدة والمحفزة والمبادرة لكل عمل إنساني داخل الإمارات أو خارجها، وبعد رحيله وانسجاماً مع نهجه في العمل الخيري واصلت سعيها وبرامجها لتكون الشخصية الأولى في العالم في مجال العمل الإنساني والخيري، متفوقةً على جميع الملكات ورئيسات الدول وصاحبات المليارات.

فإن كان التاريخ العربي الإسلامي قد خلّد السيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد التي حفرت الآبار وبنت استراحات للحجيج على طول خط قوافل الحجيج من العراق إلى مكة المكرمة، وفتحت بين صخور الجبال الصعبة قنوات لجريان الماء لعين تسمى إلى اليوم باسمها (عين زبيدة)، فإن التاريخ لن ينسى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات» وهي ما أن تسمع بكارثة تصيب مجتمعاً ما أو حالةٍ إنسانية كالجوع والمرض مما يهدد حياة الناس وخاصةً النساء والأطفال إلا وهرعت لنجدتهم بكل ما تستطيع بكل نبلٍ واقتدارٍ وعزيمة.

والذي يظن أن مسألة تقديم العون من دولة إلى دولة هو عمل سهل فقط إذا توفر المال له فإنه لا يدرك حجم ومسؤولية مثل هذا العمل وأبعاده، فهناك المئات ممن تبرعوا أو تبرعت مؤسسات للمحتاجين في المخيمات أو في دول منكوبة ثم تبخرت تلك المعونات ولم يستفد منها من كانوا أحوج الناس إليها.

لكن في دولة الإمارات تراكمت الخبرات في العمل الإنساني ووضعت ضوابط ومرجعيات وقوانين تحكمه، وصار هذا العمل يتصف بأنه عمل مؤسسي يصل إلى المستفيدين منه بأيدٍ إماراتية أمينة وبقلوبٍ حنونة.

ومن هذا المنطلق فإن الحملات الإغاثية والتبرعات الإنسانية التي تتولاها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»عبر مؤسساتها الثلاث تعد نموذجاً رائداً ورائعاً في هذا المجال من حيث العلمية والدقة والمهنية والأمانة. فهي ربّت فرقاً من العمل على هذا المنهج في داخل الإمارات وخارجها، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن حملة سموها لإغاثة لاجئي الروهينغا تجري حالياً من خلال فرق عمل كفء في مستشفى الشيخ زايد الإنساني في بنغلادش، وعالجوا الآلاف من النساء والأطفال في منطقة كوكس بازار البنغالية، حيث استقطبت الحملة أفضل الكفاءات من الأطباء والمتطوعين بمشاركة من شباب الإمارات وبنغلادش.

كما نظمت الحملة الملتقى الإماراتي البنغالي الشبابي التطوعي بهدف ترسيخ ثقافة العمل التطوعي والعطاء الإنساني.

وقد عُرف عن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك أنها تتابع بنفسها كل تفاصيل العمل الإغاثي، وتساعد في تذليل العقبات التي تواجهه، وتفرح كثيراً بهذا العمل وما يثمر عنه من إنقاذ حياة الناس الضعفاء والمرضى والجوعى ولعلها تجد في ذلك من السعادة ما لا يعادل أية سعادة أخرى.

لقد حصلت سموها على العديد من الجوائز والأوسمة والتكريمات جراء العديد من أعمالها الوطنية والإنسانية، لكن الجائزة الأهم التي تسعى لها هي رضا الله سبحانه وتعالى عنها. وهذا ما يجعلها لا تتعب ولا تستكين حاملةً بيرق العطاء الإنساني لتشفي آلاف المرضى، وتشبع آلاف الجائعين، وتربي الأجيال على حب العطاء الإنساني الذي يسمو فوق كل عطاء.

لقد ذكرها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله في كتابه (ومضات من فكر) في معرض حديثه عن رواد العمل الإنساني في دولة الإمارات حين قال: «في دولة الإمارات شخصيات إنسانية متعددة نفخر بها، أخص بالذكر منها هنا سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله،«أم الإمارات» وأيضاً «أم العطاء»...).

بوركت هذه الأم الرؤوم، وبورك عطاؤها الإنساني الذي سيخلده التاريخ ويكتب عنها بحروف ٍ ناصعةٍ بمدادٍ من الذهب.

Email